هـــــــــــــــــــــام جــــــــــــــــــــدا: الدعوة إلى الله هي مهمة الرسل وأتباعهم

يوجد صفحات من موقع "دار الإسلام" مخصصة لمساعدة أصدقائكم من غير المسلمين عن طريقكم بدعوتهم إلى التعرف على الإسلام بأحد السُبل والخيارات التالية:
1- عن طريق صفحات لتعريف بالإسلام بأكثر من 90 لغة
2- عن طريق الحوار مع مختصين داخل الموقع للتحدث المباشر مع غير المسلمين والمسلمين الجدد
3- عن طريق كتب مميزة
4- عن طريق الأسئلة والأجوبة والفتاوى التي يسترشد بها لهداية الناس بمختلف اللغات
5- وطرق أخرى ستكتشفونها بأنفسكم
للدخول للموقع يرجى الضغط على الرابط التالي: https://islamhouse.com

أنظروا إلى فضل إدخال الناس للإسلام:

قال الله تعالى: وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ[فصلت:33]، وقال صلى الله عليه وسلم:لَئَنْ يَهْدِي بَكَ اللهُ رجلاً واحداً خيرٌ لكَ مِنْ حُمْرِ النعم متفق عليه. وقال صلى الله عليه وسلم: من دل على خير فله مثل أجر فاعله.رواه مسلم ، وقال صلى الله عليه وسلم: مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى كَانَ لَهُ مِنْ الأَجْرِ مِثْلُ أَجُورِ مَنْ تبعه، لاَ يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئاً،رواه مسلم. فأبشر أخي الكريم، أختي الكريمة، فإن الله سيكتب لك أجر كل خير سيعمله من يسلموا بسببك، و أتمنى أن تجتهدوا في دعوة الناس إلى دين الله.

في الأخير لا تتردوا في نشر هذه الصفحة وشكرا






الاثنين، 25 يونيو 2012

أسواق رؤوس الأموال العربية -الفصل2


تعتبر أسواق رأس المال العربية من الأسواق المالية الناشئة في اقتصاديات الدول النامية التي تمر بمرحلة تحول اقتصادي، و تحظى أسواقها بمؤشرات إيجابية الأداء الاقتصادي و لنمو أسواق رأس المال القائمة بها، و لقد شهدت أسواق الأوراق المالية العربية خلال العقد الماضي إصلاحات هدفت في مجملها إلى تطوير أداء هذه الأسواق من النواحي التشريعية و المؤسسية و ترسيخ و تدعيم قواعد و نظم و العمل بها.
      ورغم أن لكل سوق من أسواق المال العربية خصوصية تنبثق من ظروف نشأته إلا أن جميعها قد واجهت منذ نشأتها، و قبل إصلاحها، مجموعة من العقبات و المشكلات حدت من نموها و نالت من كفاءة أدائها، و لا زالت تعاني منها.
  
*    المبحث الأول: حث نتطرق فيه إلى أهم معالم أسواق المال العربية وكيفية تطويرها و مدى مساهمتها
                     في التنمية الاقتصادية.
b   المطلب الأول: خصائص أسواق المال العربية
      لقد شهدت أسواق المال العربية إصلاحات هدفت في مجملها إلى تطوير أداء الأسواق من النواحي التشريعية و المؤسسية و ترسيخ و تدعيم قواعد و نظم العمل بها، و على الرغم من الجهود التي بذلت بهذا الخصوص، فإن تلك الأسواق لازالت تعاني من أوجه قصور جديدة، وفي ظل التحولات كانت أهم الخصائص المميزة لهذه الأسواق كما يلي:
1-  من حيث نشاط السوق الأولي: لازالت حجم الإصدارات الأولية من الأسهم و السندات للشركات القائمة حديثة النشأة في الدول العربية تتسم بالضآلة، و ذلك من خلال نسبة الإصدارات إلى الناتج المحلي الإجمالي و إلى القروض و التسهيلات و التي بلغت 4% و أقل من 10% على التوالي، و يمكننا أن نرجع ذلك إلى العديد من العوامل منها ما يتعلق بعزوف الشركات عن طرح أسهمها للاكتتاب العام رغبة من المستثمرين في السيطرة على إدارة شركاتهم و عدم إخضاعها لرقابة السلطات و بالتالي التزامها بقواعد الشفافية و الإفصاح(*) و كذلك محدودية الوعي لدى المستثمرين الذين غالبا ما يقومون بتوفير احتياجاتهم من المصادر التقليدية كالبنوك أو المساهمات الشخصية و كذلك غياب شركات الترويج و ضمان الاكتتاب الكامل للأسهم المطروحة في حالة عدم تغطيتها، ناهيك عن افتقار الأسواق العربية لرأس المال إلى وكالات محلية لتصنيف الملاءة الائتمانية للإصدارات الجديدة و هو الأمر الذي من شأنه أن يقلل من إقبال المستثمرين على هذه الإصدارات نظرا لعدم تمكنهم من اتخاذ القرار الاستثماري السليم.[1]
2- حجم السوق: و يتم قياسه من خلال مؤشرين هما عدد الشركات المدرجة في السوق و القيمة الرأسمالية لها حيث نلاحظ محدودية حجم أسواق الأوراق المالية العربية إذ بلغت الشركات المدرجة 1184 شركة في 1997 و ارتفع إلى 1446 شركة في 1998 و وصل إلى 3145 شركة في عام 2000.
     و باستثناء السوق المالي في مصر فإن متوسط عدد الشركات في كل سوق لم يتجاوز 75 شركة مقارنة بنظيره في الأسواق الناشئة و المتقدمة الذي يبلغ 330، 850 شركة على التوالي، و تتسم أسواق المال العربية بانخفاض القيمة السوقية و تزداد ضآلة حجم السوق العربية إذا ما انصرفنا للتركيز على الأسهم النشطة، و ذلك باستثناء سوق الكويت و البحرين اللذين ترتفع نسبة الرسملة إلى 7,55 % و 109% على التوالي في عام 1998 كما أن ضيق حجم السوق لا يقتصر على جانب العرض لكنه يمتد إلى جانب الطلب حيث يلتزم الطلب على الأوراق المالية بالتدني، و يرجع ذلك بانخفاض معدل الدخل النقدي و تدني الوعي الاستثماري للأفراد لا سيما المتعلق بالأدوات المالية الجديدة المطروحة للتداول، و تفضيلهم توظيف مدخراتهم في العقارات.[2]
جدول رقم 01: مؤشرات أداء الأسواق العربية لرأس المال (1996- يونيو 2000)
                                                                                الوحدة: مليون دولار
المؤشر
1996
1997
1998
1999
2000
القيمة السوقية
108251,23
145562,01
123872,06
149150,33
148,198
قيمة الأسهم المتداولة
30508,06
63794,47
35036,37
35590,0
19480,0
عدد الأسهم المتداولة
2661267
3585172
10837,26
11838,83
5211,29
عدد الشركات المدرجة
1194
1184
1146
1634
1665
معدل الدوران
%28
%43
%28,6
%23,8
%13
المؤشر المركب
119,39
138,45
104,12
114,31
102,21
نسبة الرسملة
%18,5
%20,08
%20,8
-
-
المصدر: شذا جمال الخطيب، العولمة المالية و مستقبل الأسواق العربية لرأس المال، الطبعة الأولى 2002، عابدين، ص 85.
3- درجة تركز التداول: يقصد بها نسبة تداول الأسهم النشطة إلى إجمالي حجم التداول، و هي تعكس جودة الأوراق المالية، و يلاحظ أن كافة الأسواق العربية لرأس المال تعاني من ارتفاع درجة تركز التداول، و هو ما يعني انخفاض عدد الأسهم ذات الجاذبية، فبعد أن كان قطاع البنوك و قطاع المقاولات يسيطران على حجم التداول أصبح سهم المحمول و الاتصالات يستحوذان على نسبة عالية من حجم التداول في أسواق المال العربية، و هو ما يوضح أن سلوك المستثمر في البورصة أصبحت تحكمه سياسة القطيع رغم وجود العديد من القطاعات الواعدة ذات الربحية العالية مثل قطاع المطاحن و الاسمنت و يرجع ذلك لسببين:
1)    احتفاظ بعض كبار المستثمرين بأسهم الشركات الواعدة.
2)    انخفاض جودة غالبية الأسهم المدرجة لا سيما أسهم شركة القطاع العام.[3]
     و قد حققت كل من الو.م.أ و اليابان خلال (1986-1993) أدنى درجة تركز للتداول حيث استحوذت على أقل من 20% من السوق بينما فاقت درجة التركيز لنسبة بنحو ثلاث أمثال في كل من فنزويلا و الأرجنتين و كولومبيا.[4]
الفرص المتاحة للتنويع: لازالت الأسواق العربية تعاني من نقص فادح في الأدوات المالية الحديثة الجاذبة لرؤوس الأموال، حيث تسيطر الأسهم و وسائل التمويل التقليدية على التعاملات في هذه الأسواق و على الرغم من اعتماد الحكومات العربية في الآونة الأخيرة على الاقتراض المحلي لتمويل العجز في الموازنة العامة إلا أن النمط المؤسسي لتملك السندات قد حال دون تداولها في السوق، إذ نلاحظ أن معظم الإصدارات من هذه السندات يتم الاكتتاب بها من قبل البنوك و شركات التأمين و إن كانت بعض الدول قد استحدثت وسائل جديدة كوحدات صناديق الاستثمار و التعامل الآجل و حقوق الإصدار إلا أن التداول في هذه الأدوات لم يصل إلى المستوى المطلوب و هو الأمر الذي يعكس سلبا على الفرص المتاحة أمام المستثمر لتنويع محفظته المالية، و يضع
قيودا على إستراتيجيات الاستثمار سواء للمستثمر الفرد أو المستثمر المؤسسي.[5]
4- درجة سيولة السوق: و يقصد بها إمكانية تحويل الأصول المالية بسرعة إلى أرصدة نقدية سائلة و بالتالي السرعة في الحصول على الأموال التي يحتاج إليها طالبها و وجود معروض متنوع من الأدوات المالية الجيدة و المستحدثة، حيث أنه من الأهمية أن يحقق السوق المالي السيولة للأوراق المالية في أي وقت.
      و نستدل بمؤشرين في ذلك:
‌أ.   قيمة التداول: حيث بلغت نحو 63,88 مليون دولار عام 1998 و انخفضت إلى 35,536 و 35,590 مليون دولار عامي (1998-1999) على التوالي، لتبلغ 19,48 مليون دولار عام 2000، و يبدو أن قيمة الأسهم المتداولة في أسواق الأوراق المالية العربية شديدة الانخفاض إذا ما قورنت بنظيرتها في بعض الأسواق الناشئة.
‌ب. معدل الدوران: يتسم بالانخفاض في أسواق المال العربية مسجلا نحو 28%  عام 1996 و ارتفع إلى 43% عام 1997 ثم انخفض إلى 28,6 % و 23,8 % خلال العامين 1997-1999  على التوالي.
      و في هذا السياق تجدر الإشارة إلى أن تحسين سيولة السوق يتطلب اتباع إستراتيجيات تستهدف خفض فترة تسوية الصفقات، فضلا عن تشجيع إنشاء صناديق استثمار، و درجة السوق تمثل حدين باعتبارها محفزة المستثمرين المحليين و الأجانب حين ارتفاعها و من جهة أخرى تخلق بيئة مشبعة على التداول قصير الأجل و تحفيز نشاط المضاربين.[6]
5- التقلب: لازالت تعاني الأسواق العربية من شدة التقلبات في حركة الأسعار نتيجة اعتمادها على التمويل من المصادر الخارجية المتمثلة في القروض و إصدار المزيد من الأسهم بدرجة أكبر من اعتمادها علـى
الأرباح المحتجزة و يترتب على ذلك النمط التمويلي، في ظل ما يسمى الرفع المالي زيادة حدة التقلبات في ربحية السهم و قيمته السوقية و بالتالي عدم تمكن المستثمرين من تغطية استثماراتهم ضد المخاطر، و عدم كفاءة تسعير الأصول في العمل بكفاءة نتيجة عدم توافق المعلومات بالنسبة لتسعير الأسهم و السندات[7] و هناك هامش مسموح به لمدى تذبذب السعر اليومي للورقة المتداولة بين 77% - 10% في بورصة الكويت و هناك توجه لرفعه إلى نحو 20% مما قد يترتب عليه زيادة حدة التقلبات.
b   المطلب الثاني: أسباب ضعف الأسواق العربية
     إن إنشاء سوق مالية عربية مشتركة و إقامة تكامل عربي لا يسهل تحقيقه في ظل الظروف السائدة فيها يتطلب منا بداية التعرف على أهم مظاهر و أسباب ضعف الأسواق العربية السائدة فيها و التي لازالت إلى يومنا هذا تقف في وجه التنمية الاقتصادية و دون الوصول إلى تحقيق الأهداف المرجوة و نلخصها فيما يلي:
1)  لم تبلغ البلدان العربية بعد مرحلة متقدمة من النضج الاقتصادي و المالي و من المعلوم أن الأسواق المالية العربية لا يمكن أن تقوم إلا في ظل نظم سوقية ليبرالية تؤمن بأهمية و مركزية الـدور الذي يلعبه القطاع الخاص في اقتصادياتها و أهمية الأسـواق
 المالية في تعبئة الإدخارات الفردية و تمويل المبادرات الاستثمارية الخاصة بما يوفر ذلك من مزايا و ضمانات كما أن انخفاض الدخول الفردية في بعض الأقطار العربية يحد من عرض الإدخارات و التي ينصرف معظم أصحابها إلى استثمارها في مكتنزات نقدية أو في عقارات و أراضي و غيرها من توظيفات غير إنتاجية بعيدة عن أسواق المال المحدودة أصلا.[8]
2)  عدم تنوع الأوراق المالية وعدم توافر أساليب و أدوات مالية متنوعة ومتطورة سواء كانت الأدوات أو الأوراق المالية قصيرة أو طويلة الأجل، قابلة للتداول بيعا و شراء من خلال أجهزة و آليات تعمل بدقـة
وبسرعة و تؤمن إمكانية إعادة السيولة إلى الاستثمارات الطويلة الأجل لذا فإن غياب دور الوساطة العربية المالية المباشرة و المتخصصة و بخاصة منها العاملة في السوق الثانوية بين أصحاب الفوائض المالية من جهة و المستثمرين من جهة أخرى، تبقى هذه الوساطة محدودة و غير منتظمة و لا تتحقق من خلال أسواق مالية دولية و بشكل غير مباشر، حيث أنها تتعرض إلى مضاربات من قبل الوسطاء غير المؤهلين و غير أمناء يهدفون للربح السريع، مما يدفع بأسعار بعض الأسهم إلى مستويات غير واقعية لا يستند إلى كفاءة أداء المشاريع و ربحيتها.[9]
3)  تتميز الشركات القائمة في العديد من الأقطار العربية بسيطرة عدد محدود من كبار المستثمرين على نسب عالية من أسهمها، و تفضيلهم الاحتفاظ لمدة أطول، مما يؤدي إلى ركود تداولها، و قد تكون الطبيعة العائلية سببا في انفلاق العديد من الشركات أمام مساهمين جدد، مما يحد من انتشار الأوراق المالية و بقاء أسواقها في حدود ضيقة، و قد تكون تلعب ملكية الدولة و مؤسساتها دورا في ذلك في العديد من الأقطار العربية.
4)   ضيق الطاقة الاستيعابية لرأس المال في البلدان التي أقامت مثل هذه الأسواق سواء كانت هذه البلدان نفطية أو غير نفطية، و خاصة بسبب عدم تطور أساليب الغدارة المالية و انقسام الأقطار العربية إلى كيانات صغيرة لا يساعد حجمها المحدود على نمو أسواق مالية متطورة.[10]
5)  عدم انتشار الشركات المساهمة و الاتجاه نحو الشركات أو المشاريع العائلية التي لا تفصل بين الملكية و الإدارة و عادة ما تقوم شركات المساهمة بالتمويل من خلال إصدار الأسهم و السندات التي يوجد الطلب عليها في أسواق المال عادة.
6)  و لعل أهم عوامل الانفصال يكمن أساسا في ضعف التشابك العربي الاقتصادي بل حتى ضعف العمل العربي في مختلف أشكاله و من مظاهر ذلك ضآلة التجارة العربية البيئية و محدودية مؤسسات العمل العربي المشترك و التفكيك الواضح سياسيا و اقتصاديا، مما  يشكل قاطع من سبيل الاتصال بين مؤسسات الاستثمار و المال و التعاون المالي بأضيق معانيه.
b   المطلب الثالث: شروط قيام أسواق مالية عربية
      كلنا يعلم أن الدول العربية تستحوذ على موارد طائلة و وفيرة في مختلف المجالات و هي تمثل سوقا عريضة حوالي 240 مليون مستهلك للسلع و مستفيد أو عميل للخدمات[11] إلا أن الواقع يفرض علينا إقامة تحالفات و تكتلات لأسواق مشتركة و هذا لا يمكن أن يكون إلا بعد تحقق الشروط الآتية:[12]
1)  توفير مناخ استثماري مستقل يتمثل في حالة استقرار سياسي و اقتصادي و اجتماعي، و هذه الظروف كلها تعتبر من أكبر الوسائل التي تتيح فرص أكبر لتحقيق سيولة الاستثمارات طويلة الأجل، نقل جزء أو كلل استثمارات المستثمر إلى الغير دون تعريض استثماراته إلى نوع من أنواع الهزات.
2)  العمل الجاد على تعميق الوعي الاقتصادي و الاستثماري، و توفر الحرية و بالتالي تعميق أهمية الادخار لدى المواطنين إضافة إلى هيكل متكامل من المؤسسات المالية التي تستخدم أساليب فنية متقدمة.
3)   إنشاء مركز عربي للمعلومات تكون مهمته توفير شبكة اتصالات متقدمة و إلكترونات، و تجميع المعلومات و الفرص الاستثمارية و الوظيفية داخل الدولة العربية، و جعلها في متناول رجال الأعمال و المؤسسات الاقتصادية لاتخاذ القرار الصحيح، و ذلك نظرا لأهمية ربط الأسواق المالية لزيادة الشفافية و توفير المعلومات.
4)  نشر الأسعار اليومية للأوراق المالية المعروضة في نشرة كتابية مما يتيح للشركات نر ميزانياتها و نتائج أعمالها، و بيانات كافية عن مشروعاتها، حتى يكون المساهمون على بينة من أمر نشاط و تطور الشركة، هذا ما يعكس أثره على اتجاهات الأسعار للأوراق المالية و بعث الثقة فيها بالوصول إلى السعر الحقيقي تماشيا مع قانون العرض و الطلب.
5)  توحيد أسواق المال الثانوية العربية كخطوة أولى، و فتح باب الاستثمار أمام جميع المواطنين العرب من خلال شراء الأسهم، أما الخطوة الثانية و تشمل تنظيم سوق رأس المال الأولية و فتح الأسواق العربية أمام التكتلات المالية (المصارف، شركات التأمين، الشركات المسامة الكبير) للمساهمة في الشركات العربية بما يضمن حرية انتقال رؤوس الأموال العربية.
6)  السماح بفتح فروع للمصارف العربية في جميع الدول العربية و تشجيع قيام مؤسسات الاستثمار، و شركات تطوير السوق الأولية و الثانوية التي تتولى الترويج للأوراق المالية و الإصدارات الجديدة و وضع الضوابط لها.
7)  المرونة الكافية في الأوراق المالية لفتح المجال أمام سهولة الانتقال من مشروع لآخر و إعطاء دور الاستعلامات بفضل أخصائيين قادرين على إقناع الجمهور، لتقديم السوق بالوسائل الآلية لتسهيل إصدار بيانات يومية عن كميات التعامل لنوع معين من الأوراق لدعم سلامة تقارير التعامل.[13]
8)  وضع نظم عربية موحدة و العمل الجاد على إعداد دراسات جدوى اقتصادية تفصيلية لمشاريع التكامل العربية حتى و إن توالت الدول العربية نفسها القيام بهذه الدراسات.
9)  أوراق مالية سليمة صالحة للتبادل، بالتأكد من إتمام التعامل على أوراق صالحة وقابلة للتداول متأكدين من عدم وجود غش أو نصب أو مضاربات وهمية يعود هذا لخبرة ومهارة السماسرة و الوسطاء الحاليين.
10)  إعانة صغار المستثمرين بإصدار سندات ذات قيمة اسمية تتناسب مع ادخراتهم و أسعار فائدة مرتفعة للمساهمة في خطة التنمية المنشودة و تطوير القطاع الخاص و ذلك ضمن نظام القانون المتبع.
b   المطلب الرابع: أهمية إنشاء أسواق المال العربية و فوائد الربط بينها
      نطمع في إنشاء سوق مالية عربية مشتركة فاعلة حاضرة و ليست غائبة، سوق مشتركة لا تقوم بعواطف أو اتصالات شخصية سياسية بل هياكل و نظم سياسية و اقتصادية و نقترح أهميتها و فوائد إجراءات الربط بينها في هذا الصدد
P       فرع1: أهمية إنشاء الأسواق المالية العربية
      في الوقت الذي بدأ فيه الاقتصاد العربي يعرض فوائض مالية معتبرة نتيجة ارتفاع أسعار البترول (1973-1974) حيث كانت العديد من الدول تملك موارد مقبولة هذه الأخيرة التي كانت تهرب نحو الخارج لعدة أسباب هذا ما جعل الدول العربية عرضة لخسائر فادحة للاقتصاد العربي و هذا ما جعلها تفكر في إنشاء سوق مالي.
     و نورد أهم أهدافه فيما يلي:[14]
1/ توفير الأموال اللازمة للطاقات الإنتاجية عن طريق تغطية إصدارات الشركات المساهمة والعمل على تنمية استقرار التعاون في الأوراق المالية وزيادة مقدار الشركات الأعضاء في السوق على تحقيق أغراضها.
2/ العمل على ترشيد أساليب التعامل بما يكفل سلامة و توفير الحماية لجمهور المتعاملين و على نحو يقدم عمليات التنمية الاقتصادية و يساعد على تحقيق أهداف السياسة الاقتصادية الدولية.
3/ إنشاء تنظيم للتفرقة بين الشركات الموجودة حسب طبيعة النشاط و بذلك تحديد العدد و الذي يمكن من خلاله على تحرك رأس المال و نوعه و كميته.
4/ تقديم الرأي و المشورة إلى الجهات الحكومية المختصة بشأن المراكز المالية للشركات الأعضاء في السوق، بالإضافة إلى تشجيع الوعي الاستثماري لتوظيف الأوراق المالية أحسن توظيف (أسهم و سندات).
5/ تركيز الجهود نحو تكامل و تنسيق العمل بين الأنشطة الاقتصادية و المالية للوصول بالتنمية على مصارف الدول الكبرى، و هذا لا يكون إلا في ظل التكامل و العمل المشترك بين المؤسسات المالية و النقدية من جهة و الفعاليات الاقتصادية العربية و الأجنبية من جهة أخرى.
6/ توجيه الاستثمار نحو عدة مشاريع بما يتناسب مع مركز و قوة الشركات و الحد من تشرب أموال الدول العربية نحو الأسواق المالية و إنقاص الاعتماد على القروض الخارجية.
7/ المساهمة في زيادة قدرة الحكومة على مراقبة الأموال الوطنية الموجودة في السوق المحلية مع إمكانية تحديد حجم السوق السوداء.
b  المطلب الخامس: أسواق رأس المال العربية و دورها في التنمية الاقتصادية
     تتطلب عملية التنمية الاقتصادية في أي دولة تجميعا لرؤوس الأموال، حيث أنه غير من الممكن أن تتحقق معدلات التنمية المنشودة في غيبة التكوينات الرأسمالية، و نظرا لكون البنوك التجارية لا تستطيع بمفردها الاضطلاع بتمويل الاستثمارات متوسطة و طويلة الأجل لقلة الأرصدة المتاحة لديها، كما أن قيامها بتمويـل
الاستثمارات بالعملة الوطنية قد يترتب عليه آثار تضخمية، و هنا تبرز أهمية أسواق رأس المال في عملية التنمية
الاقتصادية كأحد الآليات الهامة لتجميع المدخرات و امتصاصها من الأفراد و الشركات و القطاع العام و توجيهها لمسارها الصحيح هذا علاوة على أنها تقوم بتحويل رؤوس الأموال من القطاعات ذات الطاقة التمويلية إلى القطاعات ذات العجز.[15]
        لقد توصلت دراسات طبقت على 8 دول عربية خلال الفترة (1988-1997) إلى أن مؤشرات الأسواق المالية و لا سيما مؤشرات السيولة ( و على قائمتها معدل الدوران) ترتبط ارتباطا قويا بمعدلات النمو المحققة[16] و بصفة عامة نستطيع القول أن أسواق رأس المال تقوم بدفع عملية التنمية الاقتصادية و النمو الاقتصادي و ذلك من خلال قيامها بعدد من الوظائف منها:
1-  تعبئة المدخرات: لقد هدفت جميع الإصلاحات التي تمت إلى تحديد دور سوق رأس المال من حيث كونه يمثل آلية لتعبئة المدخرات الوطنية و توظيفها في مختلف مجالات الاستثمار بما يخدم عملية التنمية الاقتصادية و هو الأمر الذي يتطلب ترشيد أساليب التعامل مع السوق بالطريقة التي تنقل سلامة المعاملات و دقتها، و توفير الحماية للمتعاملين و تنشيط استقرار أسواق المال العالمية و تؤكد على أن التعامل مع سوق رأس المال ككيان مستقل عن باقي قطاعات الاقتصاد و تحريرها من ضوابط لن ينجم عنه سوى تحولها إلى مسرح مضاربات تضر بالاقتصاد القومي لا تنفعه بل تستنزف موارده، و كذلك تؤدي إلى ضياع مدخرات صغار المستثمرين.[17]
2-  إدارة المخاطر المالية: تقوم مؤسسات الوساطة المالية بعملية توزيع للأرصدة المتاحة للإقراض و المتاحة للاستثمار بين المشروعات الاقتصادية عن طريق إدارتها للمحافظ الاستثمارية و تجميع المخاطر و إدارتها وفقا لمحددات الاستثمار و العائد و المخاطرة و السيولة المرتبطة بها، هذا علما بأن أجهزة الوساطة المالية، في النظم المستقبلية الأكثر تقدما لا تنظر فقط إلى استخدامات جارية أفضل للموارد و لكنها تأخذ باعتبارها أيضا الاستخدامات المستقبلية بهدف تحقيق تخصيص أفضل للموارد عبر الزمن و تحقيق التقدم التكنولوجي لتحقيق معدلات النمو و نظرا لأهمية الدور الذي تقوم به مؤسسات الوساطة تضمنت الإصلاحات تنظيما لمهنة الوساطة في السوق لتكون قادرة على التحليل و تقديم المشورة بشأن القرار الاستثماري الصائب و قد دخلت مؤسسات الوساطة لأول مرة السوق التونسية و بلغ عددها 30شركة و في المغرب 12 شركة، و تأسست في مصر شركات وساطة و بلغ عددها 153 شركة في القاهرة و الإسكندرية، و لم يسمح ممارسة مهنة الوساطة في سوق البحرين و مسقط و سوق الكويت للأوراق المالية.
3-  الإفصاح المالي: نظرا لما كانت تعانيه الأسواق العربية من افتقارها للنصوص القانونية الواضحة، راعت جميع الإصلاحات التأكيد على مبدأ الإفصاح المالي، لا سيما أن المعلومات الداخلية غير المعلنة تكرس ظاهرة عدم التكافؤ في الحصول على المعلومات، فتحقق مكاسب غير عادية للبعض على حساب الآخرين، حيث أن عدم توافر هذه المعلومات لبعض المستثمرين يجعلهم في وضع استثماري خاطئ يفضي إلى اتخاذ قرارات غير سليمة و بالتالي تحملهم لمستويات مخاطرة غير متوقعة مما يؤدي إلى حدوث فترات كساد و هبوط لمستوى أداء البورصة، و خلق جو من الإرباك و الفوضى لمستوى الأداء داخل السوق و على جانب آخر فإن هذه المعلومات تلعب دور حيوي في حصول الوحدات الاقتصادية على مصادر التمويل الخارجي حيث تطلب مؤسسات الإقراض العديد من المعلومات الداخلية المتعلقة بأداء الوحدات الاقتصادية من قبل إتمام عملية التمويل، و نقص هذه المعلومات يؤثر على حجم و تدفق الاستثمارات الأجنبية التي تعنى بالحصول على معلومات كاملة و المراكز المالية السليمة للشركات، و كفاءة الإدارة فيها، و التوقعات المستقبلية الخاصة بأرباحها و نموها.[18]
4-  الفصل بين الجهة الرقابية ذات الكيان المستقل عن عمليات القيد و التداول في سوق رأس المال: حيث تضمنت الإصلاحات تعديلا جوهريا حيث تم الفصل بموجبها بين الدور الرقابي عن التنفيذي، و تتولى الحكومة الدور الأول و القطاع الخاص الدور الثاني مما يؤدي إلى زيادة ثقة المتعاملين في الأسواق العربية، و أثبت هذا التنظيم فاعلية في العديد من الأسواق العربية و تتعاظم أهميته من خلال إفساح المجال للقطاع الخاص ليقوم بعملية التنفيذ و بدأ العمل بهذا التنظيم في السوق المصرية منذ الثمانينات عندما أنشأت هيئة سوق المال، و من ثمة انتقلت هذه التجربة إلى البورصات العربية القائمة في عمان، تونس، المغرب، الأردن، الإمارات العربية المتحدة.[19]
5-     تطوير نظم التداول: إن الإصلاحات التي شهدتها البورصات العربية تضمنت تحويل نظام التداول اليدوي إلى تداول آلي بهدف تحقيق العدالة بين المتعاملين، و كفاءة السرية التامة لهم، و ضمان الرقابة اللازمة على أوامر التداول أثناء إدخال العقود، و تسود البورصات العربية حاليا أنظمة تداول آلي متطورة و مؤسسات تسوية ذات كفاءة عالية لا سيما في أسواق الكويت، السعودية، مصر، تونس، عمان حيث تم توسيع نطاق استخدام التداول الإلكتروني ليشمل تدريجيا كافة الشركات المدرجة في البورصة أضف لذلك أنه تم إدخال مجموعتين من التعديلات على نظم التداول من أهمها: إدخال نظام الكتلة (Block, Trading)، الذي يخصص لكل شركة ثلاثة أضعاف معدل التداول اليومي للشركة على الأقل، و قد باشرت بورصة بيروت خلال عام 2000 العمل بنظام التداول المستمر بدلا من نظام التثبيت و الذي أصبح يعمل لمدة ساعتين يسمح فيها للأسعار بالتقلب في حدود 10% بدلا من 5% مقارنة مع أسعارها في السابق، و أدخلت البورصة المصرية خدمة التداول عن بعد في إطار خطة حكومية لإدخال وسائل التكنولوجيا الحديثة إلى سوق الأوراق المالية.[20]




*   المبحث الثاني:حركة رؤوس الأموال العربية و أهميتها في تنشيط أسواق المال العربية
      ازداد إنتاج البترول في هذه السنوات الأخيرة و ارتفعت عائداته فوصلت إلى حوالي 200 مليار دولار و خصص قسم من هذه العائدات لتغطية نفقات الأقطار البترولية و إلى الاستثمار في الداخل و رصد الباقي في البنوك الأوروبية و أمريكا، فبلغت الأرصدة عام 1995 حوالي 900 مليار دولار.[21]
b  المطلب الأول: توظيف عوائد الأقطار العربية
     وظف العرب أموالهم في ميادين عدة منها:[22]
‌أ.   التنمية: وضعت الأقطار العربية خطط تنموية لتحسين أوضاعها الاقتصادية و التكنولوجية و التعليمية و ركزت على قطاعات الصحة و النقل و السياحة و التعليم، و أنفقت مليارات الدولارات على هذه الخطط إلا أن الاستثمارات في الصناعة مازالت قليلة.
‌ب.المساعدات و القروض: رصدت دول النفط العربي مبالغ ضخمة لتدعيم المشاريع الاقتصادية العربية و غير العربية من خلال صناديق أسست لهذا الغرض، كما قدمت المساعدات إلى الدول العربية لمواجهة إسرائيل، مصر، الأردن، سوريا و لبنان، و قدمت قروض إلى دول العالم الثالث لاستخدامها في المشاريع التنموية، و اتجهت بعض الأقطار النفطية إلى شراء السندات من أمريكا و أوروبا لدعم الاقتصاد لهذه الدول، بل و من إسرائيل بلغت الأرصدة العربية المستخدمة في السوق المالي الإسرائيلي في تل أبيب عام 1995 حوالي 10 مليارات دولار.
‌ج.  رصد الأموال في المصارف الغربية مقابل الفوائد التي تحصل عليها هذه الودائع.
‌د.  إقامة مشاريع كمالية و استهلاكية كإقامة المدن الترفيهية و النوادي الليلية و القصور في الخارج، و لقد كلفت المدينة الترفيهية في الإمارات العربية من 3 إلى 9 مليارات من الدولارات.
      ﻫ.  الاستثمارات: حيث اهتمت بعض الأقطار العربية باستثمار الأموال ببعض المشاريع و تركز معظمها على الاستثمارات المصرفية و العقارية و السياحية.
b  المطلب الثاني:الفوائض المالية العربية في النصف الثاني من الثمانينات
      إن الأرقام التي تعطي او تنشر حول الفوائض المالية العربية، تبقى مجرد تقديرات تختلف من مصدر لآخر و تمثل هذه التقديرات مجرد مؤشرات لهذه الفوائض من حيث حجمها و طبيعة استثماراتها نوعا و حجما و من المعلوم أن الكساد التضخمي الذي ساد الاقتصاديات الغربية المتقدمة كان له تأثير سلبي في إيرادات النفط التي استلمتها بلدان النفط العربية، فقد انخفض فائض الحساب الجاري لهذه البلدان (1980-1985) بشكل كبير في الجدول التالي:
جدول رقم 02: الموازين الجارية لدول النفط العربية (1980-1985)  
الوحدة: مليار دولار أمريكي
السنة
الجزائر
إمارات العربية المتحدة
السعودية
قطر
كويت
ليبيا
البحرين
عمان
المجموع
1980
0,249
1,0295
41,404
2,709
10,302
8,214
0,391
0,942
49,506
1981
0,080
9,209
41,129
2,383
13,777
3,963
0,551
1,369
63,543
1982
0,183-
7,010
7,572-
1,128
4,874
1,560-
0,664
0,546
17,908
1983
0,086-
0,195
16,850-
0,418
0,115
1,643
0,243+
0,477
7,133-
1984
0,085
7,500
18,392
0,875
6,289
1,024-
0,048-
0,318
4,818
1985
1,014
6,995
13,255
0,381
5,617
1,889
0,195-
0,223
3,639
المصدر: جامعة الدول العربية، الأمانة العامة، التقرير الاقتصادي العربي الموحد، تحرير صندوق النقد العربي، ص 401.
       يلاحظ من خلال الجدول أن فائض الميزان التجاري لهذه الدول انخفض من ما مقداره 49,5 مليار دولار عام 1980 إلى 3,6 مليار دولار أي انخفض بنسبة 90% و تختلف نسبة الانخفاض من بلد لآخر ففي السعودية من 41 مليار دولار إلى 13,2 مليار دولار و في الكويت من 10,30 مليار دولار إلى 5,6 مليار دولار لنفس الفترة في حين حققت الإمارات و قطر و الكويت و عمان فوائض مستمرة خلال هذه الفترة، و لقد أثر هذا على الاحتياطات الدولية لهذه الدول و لقد لعب الانكماش في صادرات النفط و التدهور في أسعاره و محاولات الترشيد في استهلاك الطاقة في البلدان الصناعية المستهلكة للنفط بالإضافة إلى جهودها في تطوير بديلة للطاقة و التخزين الإستراتيجي للنفط فيها، هذه العوامل لعبت دورا أساسيا في الحد من الطلب العالمي على النفط العربي، مما أدى إلى انخفاض أسعاره و تدهور حجوم صادراته في حين أن وارداتها لم تنخفض بالنسبة التي انخفضت بها صادراتها من النفط، مما أدى إلى عجز في موازينها التجارية و هذا نتج عنه هبوط في العائدات النفطية لهذه الأقطار من ما يزيد على 167,9 مليار دولار عام 1984 إلى 59,8مليار دولار عام 1985 مسجلة انخفاضا تصل نسبته إلى 65% إلا أن الفوائض المالية النفطية المستثمرة في خارج نطاق الوطن العربي تزداد باستمرار منذ عام 1974م إلى حد الآن، و قد بلغ الرصيد المتراكم لهذه الفوائض الموظفة خارج الوطن العربي قد بلغ في نهاية 1985 حوالي 411,4 مليار دولار و أن هذه الفوائض كما تزايدت تناقصت، حيث تراوحت الزيادة إلى ما مقدارها 13,2 مليار دولار عام 1978 و زيادة أخرى بلغت 86,5 مليار دولار عام 1985 كما تناقصت من سنة لأخرى بمعدلات مختلفة حيث تناقصت بمقدار 20,6 مليار دولار بين عامي (1981-1982) كما تعرضت لخسائر بلغت في أدنى تقديرها 181 مليار دولار حتى آخر عام 1985، و ذلك نتيجة لأنماط التوظيف ذاتها، المتمثلة بارتفاع وزن الاستثمارات السائلة القصيرة الأجل، و ضآلة وزن الاستثمارات المباشرة في توظيف هذه الفوائض و تركزت الاستثمارات في الأسواق النقدية و المالية في الدول الرأسمالية الصناعية منها 47,5 % في السوق الأوروبية و 40,4 % في الو.م.أ و تشير إحصائيات بنك التسويات الدولية إلى أن ودائع بلدان النفط العربية في مصارف بلدان منطقة بلغت في 1988 ما يقرب 141,5 مليار دولار مقابل قروض حصلت عليها من المصارف في المنطقة نفسها بلغت في السنة نفسها 67,6 مليار دولار أي بحدود 50% من ودائعها، مما يجعل صافي ودائعها يصل إلى ما يقرب من 74 مليار دولار و لا تشتمل هذه الإقتراضات الائتمان التجاري غير المصرفي الذي بلغ في ديسمبر 1987 حوالي 24,1 مليار دولار و لقد تمت هذه الاقتراضات في بنك التسويات الدولية و هكذا استعاد العرب جزء من فوائضهم المالية بشكل غير مباشر، و ذلك من خلال أسواق النقد و المال في البلدان الصناعية المتقدمة ذاتها.[23]
b  المطلب الثالث: الأموال العربية المستثمرة خارج البلاد العربية
      إن صغر حجم أسواق رؤوس الأموال العربية في البلاد العربية لا يتلاءم و جم رؤوس الأموال المستثمرة خارج البلاد العربية إذ يشير تقرير المؤتمر المركزي العربي في عام 2000 إلى ان حجم الأموال العربية المستثمرة في الخارج يبلغ حوالي 800 مليار دولار، و أن عودتها إلى أوطانها التي هي في أمس الحاجة إليها يتطلب وجود توسع نطاق أعمال الأسواق العربية الموجودة حاليا حتى تستوعب الأموال العربية الموجودة في الخارج و الواقع يشير إلى أن الدول العربية بعد استقلالها سياسيا لم تستطيع التحكم بمواردها البترولية، فقد سيطرت الدول الكبرى من التحكم بآبار النفط و الغاز إلى فرض سيطرتها الناتجة عن استقلال موارد الطاقة في الوطن العربي، فتركت مهمة إدارة الأموال بيد المؤسسات المالية الغربية من بنوك و أسواق رؤوس أموال  أوروبية و أمريكية، و أغلب هذه الأموال تودع لدى بنوك الدول الصناعية حوالي 80% من حجم الأموال العربية النازحة في حين يوظف الباقي 20% في التزامات دولية و في سندات الخزينة الأمريكية و تعرضت الأموال العربية في الأسواق الأوروبية إلى خسائـر كبيرة نتيجة الفرق بين القيمة الاسميـة و القيمة الحقيقية لها. و ذلك بسبب
التضخم الذي عرفته اقتصاديات الدول الغربية في ظل إتباع النهج الكنزي، الذي سارت عليه دولة الرفاه فـي
الغرب و ذلك من خلال سياسة التمويل يعجز الموازنة.
      إن بقاء الأموال العربية خارج أوطانها يفسر عجز المؤسسات المالية في البلاد العربية عن استيعابها، و إن استرجاع هذه الأموال يتطلب العمل على خلق الظروف الملائمة لاستيعاب عودة الرأسمال العربية النازحة و تحويلها إلى استثمارات منتجة و يكون ذلك من خلال:
‌أ.        تحرير أسواق المال العربية من التبعية.
‌ب.   تحميل رجال المال العرب مسؤولية النهوض بالاقتصاديات العربية.
      إن التدفقات المالية العربية تعمل لصالح اقتصاديات البلدان الصناعية من خلال شبكة المصارف الدولية الأمريكية و الأوروبية، فتخرج من محفظة لتدخل في محفظة أخرى و بعملات تلك الدول، و نحن العرب لا حول و لا قوة لنا على أموالنا و من المؤسف أن نرى أن المصارف و أسواق رؤوس الأموال العربية تكاد تتصرف بالطريقة التي تخدم المصالح الغربية فهي من جهة تقدم القروض إلى الأقطار العربية التي تعاني من عجز في ميزان مدفوعاتها بأسعار فائدة عالية، و من جهة أخرى تقوم بعمليات توظيف احتياطية في القارة الأمريكية أو في مناطق أخرى نائية بالاشتراك مع مجموعة المصارف الدولية الشهيرة التي أضحت ذيلا لها، كما تشترك بكثافة في عمليات إصدار السندات الطويلة الأجل لصالح الشركات العالمية فيها بطبيعة الحال الشركات البترولية التي تتناقض أهدافها مع أهداف الأقطار العربية المنتجة للنفط، و لم تسعى جادة تلك المصارف إلى قيادة عملية مالية مهمة واحدة لصالح جهة عربية تاركة مثل هذه المهمات تحت احتكار المؤسسات المالية الأجنبية[24]، و فيما يتعلق برفع القدرة على استيعاب عودة رؤوس الأموال العربية المهاجرة فإن هذه المسؤولية تقع على عاتق رجال المال العـرب، نظرا لما يتمتعـون به من إمكانيات يمكنهم تحفيزها لتحـريك الأوضاع
الاقتصادية في بلدانهم كي يتم استيعاب العائدات البترولية العربية في تنمية الصناعة و الزراعة و التجارة و الخدمات.
b  المطلب الرابع: الأخطار التي تتعرض لها الأرصدة العربية
      تواجه العوائد والأرصدة العربية في بنوك أوروبا و أمريكا أخطار عديدة منها:[25]
1-     تذبذب القوة الشرائية:
      تتعرض الأرصدة العربية إلى مشاكل تذبذب أسعار الصرف بين الحين و الآخر، و قد تنخفض قيمة الدولار بسبب الهزات السياسية العالمية و ازدياد العجز في ميزان المدفوعات و الميزان التجاري الأمريكي، أو بسبب أزمات اقتصادية و سياسية أخرى، فينعكس ذلك على الأرصدة العربية و تفقد من قيمتها، حيث فقدت الكويت عام 1973 ما يقارب 161 مليون دولار من أرصدتها بسبب هبوط قيمة الدولار هذا بالإضافة إلى التضخم المالي أي انخفاض القوة الشرائية للنقود بسبب ارتفاع أسعار السلع و الخدمات في الوقت الذي انخفض فيه قيمة البترول لتنافس الأقطار العربية في استخراجه و تصديره.
2-     تجميد الأرصدة:
      تلجأ الدول الغربية في كثير من الأحيان إلى تجميد ودائع دول البترول لخلافات معها، فقد جمدت أمريكا و أوروبا أرصدة العراق عام 1990، و كذلك أرصدة ليبيا في عام 1986، و في هذه الحالة يمنع سحب الأصول المجمدة و تميل الدول الأوروبية و أمريكا إلى عدم تشجيع الأقطار العربية إلى سحب أرصدتها حفاظا على القوة الشرائية لعملتها، خوفا من تعرض الاقتصاد الغربي إلى نكسات أو أزمات.
3-     مصادرة الودائع:
      تهدد بعض المؤسسات الأوروبية و الأمريكية و عند نشوب أزمات اقتصادية لمصادرة الأموال المودعة
لديها، فقد صادرت بريطانيا عام 1988 حوالي 650 مليون دولار للكويت، و ذلك بقيمة مساهمتها في أحد
المشاريع الاقتصادية، كما صودر حوالي 25 مليار دولار عام 1992 لعدم مطالبة أصحابها بها بعد مضي 15 سنة على إيداعها في بنوك سويسرا.
4-     دعم الاقتصاد الإسرائيلي:
     تستخدم الأرصدة النفطية لمساعدة دول العالم، و منحها القروض، فقد منح صندوق النقد الدولي عام 1984 إسرائيل التنموية من الأرصدة العربية المودعة لديه.
b  المطلب الخامس: عوائق التدوير المباشر للفوائض العربية نحو الأسواق المالية العربية
      لقد كثر الكلام على العوائق التي تحول دون تدفق الفوائض المالية نحو الاستثمار في الوطن العربي نفسه، و هي تكمن بلا شك و فيما يلي إلى:[26]
1-   التفكيك السياسي و الاقتصادي العربي و ضعف الثقة المتبادلة بين الأقطار العربية سياسيا و تخلخلها اقتصاديا و عدم الوصول إلى حد أدنى من الثقة المتبادلة التي يمكن أن تنعكس في تعاون اقتصادي و مالي فعال يضمن لمثل هذه الفوائض الأمن و الأمان و الطمأنينة على المدى الطويل و حرية الحركة على المدى القصير.
2-   مع أن فرص الاستثمار ف الوطن العربي واسعة جدا، و بخاصة في بلدان العجز العربية(*) إلا أن ما يدعى بـ " المخاطر غير التجارة" هي من السعة و الانتشار في مثل هذه الأقطار بحيث تمنع تدفقا ماليا معقولا و هذه البلدان إذ تنعدم في الأقطار العربية عموما سياسات اقتصادية مستقرة و قائمة على صرح من المؤسسات السياسية و الاقتصادية الثابتة التي تتخذ قراراتها الاقتصادية و حتى السياسية من خلال النقاش الحر و تبادل الرأي و المبادرات الشخصية و الجامعية و ليس من خلال قرارات فردية و أوهام فئوية أو إيحاءات أجنبية أو معلومات خاطئة أو استنادا إلى أهداف إستراتيجية غير واضحة و لا منسقة، و إستراتيجيات فوضوية لا ترتبط بعضها ببعض ارتباطا منطقيا و عقلانيا رشيدا يفضي إلى تعظيم المردود الجماعي و تقليل الهدر و الضياع و التبذير إلى حدودها الدنيا، و هو العامل الأساسي في تعويق حركة الفوائض المالية نحو أقطار الوطن العربي.
3-      محدودية السوق المحلي و قلة المشاريع المدروسة و ذات الجدوى الاقتصادية تعتبر أيضا من المعوقات الأخرى القصيرة المدى.
4-   و العائق الأساسي هو سياسي بالدرجة الأولى و يكمن في عدم ضمانها و المخاطر "غير التجارية" التي تتعرض إليها و ينبع ذلك كله من اختلاف النظم السياسية العربية و تناقض السياسات الاقتصادية و استبدال الذي هو أدنى بالذي هو خير، و تفضيل الحاضر على المستقبل و قطرية السياسات مما يمنع كله من إقامة المؤسسات المالية القادرة على تدوير الفوائض المالية العربية للاستثمار في الوطن العربي و هو ما ينعكس في الأمور التالية:[27]
-   قلة الأسواق المالية العربية، و ضيق القائمة منها، و بالتالي ضعفها و محدودية قدرتها على تأمين التوسط بين أصحاب الفوائض من جهة و بين اللذين يطلبونها لأغراض الاستثمار من جهة أخرى.
-       عدم تكامل الأسواق المالية العربية القائمة.
-   الانعدام الكلي تقريبا لحركة رؤوس الأموال العربية الخاصة من الأقطار العربية المختلفة، و وضع قيود شديدة تحد من حركتها قوميا، ما عدا بين دول مجلس التعاون الخليجي.
-       محدودية أدوات الاستثمار كما و نوعا.


*   المبحث الثالث: تكامل أسواق المال العربية
      لقد برزت على الساحة العربية العديد من السيناريوهات التي تحدد الخطوات الضرورية للتكامل بين الأسواق العربية و أهمها إنشاء مؤسسات مالية مشتركة كصندوق النقد العربي و اتحاد أسواق المال العربية و تفعيل دورها في تنشيط تداول الأدوات المالية و تسويقها، و تم أيضا التوقيع على عدة اتفاقيات في هذا الخصوص بغية إيجاد مناخ استثماري لاستثمار الأموال العربية محليا.
b  المطلب الأول: الاتفاقيات المبرمة
      وتمثلت في تلك التوجهات الجادة نحو تطوير الأسواق العربية لتواكب التطورات الاقتصادية العالمية و النظم المتبعة في نظيراتها بالدول المتقدمة و من هذه التوجهات عقد عدة اتفاقيات بين أسواق المال العربية في نهاية 1996 و منها:[28]
1)   الاتفاق المنعقد في 22/12/1996: يبين هذا الاتفاق ثلاث أسواق عربية للأوراق المالية هي مصر و الكويت و لبنان و الذي بدأ تنفيذه في يناير 1997، و الذي يعد الأول من نوعه لربط أسواقها المالية، و حيث يعد نواة لربط البورصات العربية، إذ أن هذا الاتفاق من شأنه أن يؤدي إلى توسيع نطاق السوق، و يسمح للمواطنين العرب بشراء أسهم شركات مطروحة للبيع في أي دولة من الدول الثلاث، بما يزيد حجم الأموال المتداولة في الأوراق المالية المطروحة و تبلغ قيمة الأسهم المدرجة في البورصة المصرية 1,5 مليار دولار و البورصة الكويتية 1,8 مليار دولار، و البورصة اللبنانية 2,4 مليار دولار، و إذا توافرت لدى هذه الأسواق الثلاث عوامل النجاح المأمولة فإنها سوف تكون بمثابة الدماء التي تضخ داخل الجسد الاقتصادي العربي و سيتيح الاتفاق أيضا أمام المستثمرين العرب و الأجانب سوق مالية ضخمة، كما سيتيح الفرصة أمام الشركات لزيادة رأسمالها من خلال مستثمرين جدد، و بلورت التعاون العربي المشترك إلى واقع ملموس في عدة اتجاهات.
2)   اتفاقية الثلاثة الموقعة في 25/12/1996: للإدراج المشترك في أسواق الأوراق المالية في كل من سلطنة عمان و البحرين و الكويت في خطوة تعد مدخلا لإنشاء سوق مال خليجي مشترك تعود على كافة المستثمرين بالفائدة خاصة و أن مؤشرات الأسعار لأسهم الشركات المساهمة المتداولة في أسواق البلدان الثلاثة حققت مكاسب نسبتها 18% خلال عام واحد، إن هذا الإدراج المشترك بين أسواق هذه الدول الثلاث من شأنه أن يحقق:
‌أ.   تقيما عادلا للورقة المالية التي ستخضع للتقييم في ثلاث أسواق بدلا من سوق واحدة، الأمر الذي سيؤدي إلى المزيد من الشفافية، و توسيع دائرة الإفصاح المعلوماتي الذي هو القاعدة الأساسية لأي قرار استثماري سليم، و أن السعر سيتم الاتفاق حوله بين البائع و المشتري من خلال الآليات المتاحة بالأسواق آخذا بعين الاعتبار الفروق بين عملات الدول الثلاث.
‌ب.  السماح " بتسييل" الورقة المالية في ثلاث أسواق سواء عند طرحها أو عند تداولها.
‌ج.  الترابط المصلحي بين مواطني الدول الثلاث، حيث سيهتم المواطنون في كل منها بالاستقرار من مختلف جوانبه الأمر الذي يعزز الفوائد و المنافع المشتركة.
3)   اتفاقية التعاون المشترك بين بورصات الأردن و البحرين أكتوبر 1997: لقد سجلت هذه الاتفاقية بين سوق عمان و سوق البحرين الأوراق المالية خطوة هامة على طريق تحقيق التقارب و التنسيق بين البورصات العربية في مجال الاستثمار، و هي تأتي لكي تساهم في تشجيع الاستثمار في الشركات المساهمة العامة الأردنية و البحرينية، و تسهيل إجراءات التعامل لمواطني البلدين في الأوراق المالية في تلك الشركات و مما يساهم في تعزيز أواصل التعاون الاقتصادي بين البلدين، و تغطي الاتفاقية عدة جوانب أهمها:
-        الإدراج المشترك للأوراق المالية في كل البلدين في السوقين الأولية و الثانوية.
-        تعاون الوسطاء في البورصتين.
-        التقاص و التسوية.
-        تبادل المعلومات و الإفصاح عنها.
-        النظر في المنازعات التي تنشأ بين الأطراف المشاركة في الاستثمار.
      و في نفس الإطار، عقد مجلس الإتحاد البورصات و هيئات الأسواق المالية العربية خلال الفترة (1-03 ديسمبر 1997) دورته السابع عشر في دولة البحرين، حيث ناقش العديد من الموضوعات التي تهدف إلى ترابط و تكامل العمل المالي بأسواق المال العربية و في مقدمتها مشروع إنشاء مؤسسة عربية خاصة بعمليات التسويات و المقاصة بهدف دعم أسواقها المالية العربية من حيث توفير السيولة الفعالة لتسيير عقد الصفقات بن المتعاملين في الأسواق و تنظيم التدفقات المالية بن أعضاء الإتحاد و غيرهم من الأسواق المالية العالمية.
b  المطلب الثاني: صندوق النقد العربي
     إن صندوق النقد العربي من منطلق إدراكه الأهمية و محورية الأسواق ف عملية التنمية الاقتصادية، و من أجل تطوير أسواق المال العربية فقد باشر بما يلي:[29]
‌أ.       تفيد برامج عمل متوسط المدى يهدف إلى استحداث و توفير الأدوات الأولية و الآليات اللازمة لتطوير تلك الأسواق و تمهيدا للربط فيما بينهما، و لذلك أنشأ الصندوق قاعدة بيانات الأسواق المالية العربية بجميع المعلومات و الإحصاءات الموثوقة عن نشاط تلك الأسواق و إعداد مؤشرات أداءها و نشرها بصفة دورية منتظمة بهدف تنمية الوعي الاستثماري لهذه الأسواق و تفعيل دورها التنموي في الاقتصاد و تمكين المستثمرين فيها من اتخاذ القرار السليم و الرشيد.
‌ب. المساهمة في إنشاء شركة تقييم الملاءة الائتمانية في الدول العربية في نوفمبر 1996م، بالتعاون مع الوكالات الأوروبية للتصنيف الائتماني (ايبكا) و مؤسسة التمويل الدولية التابعة للبنك الدولي و تأسست الشركة فرعا في تونس (شركة المغرب للتقييم) و استكملت إجراءات تأسيس ثاني شركة تابعة لها (شركة النيل لتقييم و تصنيف الأوراق المالية). و تعد هذه الشركة بمثابة آلية لتوفير نظام موحد لتقييم و تصنيف الجهات المصدرة للأوراق المالية في الأسواق العربية و أدوات الدين الصادرة عنها، بما يسمح بالمقارنة بينهما على أسس موضوعية.
‌ج.  إجراء دراسة جدوى مشروع لإنشاء نظام بالمقاصة و تسوية المدفوعات في الأسواق المالية العربية، حيث يمثل غياب هذه الآلية أحد العوامل المؤدية إلى بطء و تأخر تصريف المعاملات في تلك الأسواق، و بالتالي إحدى عقبات تنميتهما.
     إن القيام بمثل هذه المهام يقتضي من الصندوق أن يركز خلال الأعوام القليلة القادمة على تنسيق الجهود العربية المختلفة و التعاون على رصد و تجميع الخيارات الضرورية لتطوير الأسواق المالية العربية، بما في ذلك متابعة التقنيات الحديثة لتعبئة الادخار و طرق الإصدار المتنوعة و عمليات التسويق، و طرق التسوية و التحويلات، و السبل الحديثة لتنظيم المعلومات و توصيلها إلى المستثمرين، و عمليات المحاسبة و التدقيق، كما يقتضي الأمر أيضا تقديم هذه الخبرات للدول الأعضاء مع مراعاة انسجامها مع الرؤية المتكاملة لإستراتيجية عمل الصندوق و التي تعتمد على ثلاثة مراكز هي:
· تطوير هياكل الأسواق المالية لكل بلد عربي على حدى مع محاولة جعل القوانين و الإجراءات المستخدمة في كل بلد عربي منسجمة و متوافقة مع بقية البلدان العربية خصوصا فيما يتعلق بتشريعات الأسواق و قوانين الشركات و إجراءات المحاسبة و التدقيق و تقارير الأوضاع المالية و غيرها.
· تهيئة الظروف لربط الأوراق المالية بعضها ببعض لتمكين كل بلد من طرح إصداراته في البلدان الأخرى أو بعضها، مع إعطاء الأحقية للمواطنين العرب من غير الدول المصدرة في تملك و تداول الأوراق المالية للشركات المحلية.
·   السعي لإنشاء سوق مالية عربية إقليمية مكملة للأسواق الوطنية تهيأ لها البنية الأساسية للأزمة للتعامل على نطاق الدول العربية.[30]
b  المطلب الثالث: الاتحاد العربي لبورصات الأوراق المالية
      إن بورصات الأوراق المالية المرتبطة بهذا النظام رغبة منها في توثيق و تطوير أواصل التعاون و الأداء بينهما و إبراز كيانها الموحد تحقيق للمصالح العربية المشتركة و بغية زيادة فعالية الدور الذي تقوم به لخدمة التكامل و التنمية الاقتصادية و الاجتماعية العربية المشتركة و تنفيذ توصيات مؤتمر محافظي البنوك المركزية الذي عقد برعاية الأمانة العامة لجامعة الدول العربية في المملكة الأردنية الهاشمية في الفترة من (19-21 يونيو 1978) و الذي اقترن بمصادقة المجلس الاقتصادي بقرار رقم 746 و المتضمنة إنشاء جهاز توجيهي و ترشيدي لبورصات الأوراق المالية العربية، و يكون في شكل إتحاد قد اتفقت على ما يلي:[31]
- إنشاء اتحاد عربي لبورصات الأوراق المالية و مقره، حيث تنشأ هيئة عربية لبورصات باسم الاتحاد العربي لبورصات الأوراق المالية وفقا لهذا النظام و تتمتع بالشخصية الاعتبارية المستقلة و يكون له مقر و يجوز إنشاء مراكز فرعية له في الدول العربية.
مهام الإتحاد:
-         تطوير أعمال البورصات العربية و دور الوساطة المالية و دفع كفاءة أدائها قطريا و عربيا.
-         إيجاد قنوات إتصال بين البورصات العربية المنتظمة للاتحاد و تنسيق و توحيد الأنظمة المعمول بها.
-    نشر وعي الادخار بين المواطنين عن طريق توسيع الاستثمار في هذه الأوراق و توفير تبادل المعلومات و البيانات لدى الاتحاد عن المراكز المالية للشركات المصدرة للأوراق المالية المتداولة فيها و أسعارها.
-         إصدار النشرات و المطبوعات الدولية التي تهدف إلى تقوية الروابط فيما بين الأعضاء للتعريف بأوجه نشاطات الإتحاد.
-         حل المشاكل بين المستثمرين العرب في الأوراق المالية و خلق الظروف المناسبة لتداولها و منع التضاربات المفتعلة و خلق سوق مستقرة.
أجهزة الإتحاد:
     يتشكل الاتحاد من رؤساء البورصات الأعضاء أو من ينوب عنهم و تكون رئاسة بالتناوب سنويا حسب الترتيب الهجائي للدول العربية.
· تكون اجتماعات المجلس صحيحة بحضور ثلثي الأعضاء و في حالة عدم اكتمال النصاب القانوني تكون الاجتماعات صحيحة بحضور الأغلبية بعد مضي 24 ساعة من الموعد المحدد للاجتماع.
· لكل بورصة عضو في الاتحاد صوت واحد في حال تعدد البورصات المنظمة للاتحاد من بلد واحد يكون لهذه البورصات صوت واحد و تصدر قرارات المجلس للأغلبية العادية للأعضاء الحاضرين، و عند تساوي الأصوات يرجح جانب الرئيس.
b  المطلب الرابع: نتائج و آثار اتحاد الأسواق العربية لرأس المال
      من الأهمية أن نشير إلى نتائج و آثار الاتفاقيات المبرمة لتكامل الأسواق العربية و مختلف مؤسساتها التي عملت جاهدة على تكريس هذه المبادرات و إعطائها اهتماما كبيرا و ذلك في سبيل التغلب على المشاكل التي تعيق هذا التكامل و تقف في وجهه.
أ‌.  نتائج الاتفاقية الثلاثية للربط: دخلت الاتفاقية الثلاثية للتعامل بين أسواق رأس المال في مصر و الكويت و لبنان حيز التنفيذ الفعلي في شهر يناير 1997م و قد شهدت الأشهر الخمسة التي تلت توقيع الاتفاقية إقبالا من المستثمرين يدعو للتفاؤل إلا أنه بقي دون مستوى التوقعات، حيث أن قيمة الصفقات التي تم إبرامها حتى شهر مايو 1997، لم يتجاوز 3,4 مليون جنيه مصري، و هذا الرقم لا يتناسب و إمكانيات الأسواق أطراف  الاتفاقية، و التي بلغت القيمة الرأسمالية لها مجتمعة نحو 34 مليار دولار (63,2 % من إجمالي القيمة الرأسمالية للبورصات أعضاء الاتحاد).
     أما مطلع عام 1998، فقد شهد إقبالا نشطا على التداول، فقد تم عقد 171 صفقة بقيمة 656 مليون دينار كويتي، و إن كانت سوق المال بمصر قد استحوذ على معظم
الصفقات و خلال الفترة 1997 و حتى أوت 2000، شهد التداول بين البورصات الثلاثة نشاطا ملحوظا، فقد بلغ إجمالي عدد الصفقات 557 صفقة معظمها تم في السوق المصرية.[32]
الجدول رقم 03: قيمة التداول بين الأسواق الثلاثة (الذي تم في القاهرة)
البيان
القيمة بالجنيه المصري
القيمة بالدينار الكويتي
شراء
29.321.114
2.67.923
بيع
46.281.99
4.063.627


المصدر: شذا جمال الخطيب: العولمة المالية و مستقبل الأسواق المالية العربي، الطبعة الأولى 2002، عابدين، ص 104.
     أما في السوق اللبنانية فقد تمت ثماني صفقات خلال الفترة من 01/01/1997 و حتى 01/08/2000 بقيمة 206,1 ألف دولار أمريكي شراء و بقيمة 5150 دولار بيعا، و هو ما يدل على صغر حجم السوق اللبنانية و افتقارها للأدوات المالية الجديدة و المشجعة على الاستثمار في الأوراق المالية، و يمكننا أن نرجع ذلك بصفة أساسية إلى المناخ السياسي و إعادة إعمار البلاد عقب الحرب الأهلية و تجدر الإشارة إلى أن البورصات الثلاث  (مصر، الكويت، لبنان) تستأثر بنحو 95 % من إجمالي قيمة الدول في
البورصات العربية كما انه كان من المتوقع أن تنظم لهذه الاتفاقية بورصات أخرى، غير أن ما تم حتى الآن لم
يتعدى إبرام الاتفاقيات ثانية للتعاون كما حدث بين سوق الكويت و بورصة البحرين، بورصة عمان، و بورصة الكويت، بورصة عمان و سوق الكويت في نوفمبر 1999م.[33]
ب. آثار اتفاقيات اتحاد الأسواق العربية: يمكن تركيزها في ثلاث محاور أساسية و هي كالتالي:[34]
1-  على صعيد الأسواق المالية العربية الثلاث:
-   اجذاب مستثمرين جدد، و توسيع القاعدة الاستثمارية للأسواق الثلاثة.
- تشجيع و جذب رؤوس الأموال التي تسعى إلى الفرص الاستثمارية الأفضل، بالإضافة إلى تبادل الخيارات الفنية و استخدام الوسائل التكنولوجية الحديثة، و تنويعها أهم المستثمرين، و تطوير المزيد منها بما يتناسب و احتياجات المستثمرين.
-   توسيع قاعدة الأدوات الاستثمارية المتاحة للمستثمرين، الأمر الذي يساهم في تطوير العمل بتلك الأسواق.
2- على صعيد تطوير مهنة الوساطة:
-   إيجاد تعاون حقيقي و فعلي بين شركات الوساطة العربية العاملة في الأسواق الثلاثة.
-   زيادة نشاط شركات الوساطة نتيجة وجود طلب جديد من قبل المستثمرين في الأسواق الأخرى، مما يترتب عليه زيادة عوائدهم المالية.
- تطوير مهنة الوساطة حتى تتمكن من تلبية احتياجات المستثمرين في الأسواق الأخرى و توجيه النصائح الاستثمارية لهم، و توفير المعلومات عن الشركات التي يرغب عملائهم في شراء أسهمها.
3- على صعيد الاستثمار في الأسواق الثلاثة:
-   إعطاء المستثمرين مجالا واسعا للاختيار بين الفرص الاستثمارية المتاحة، مع كفالة حرية تحريك أموالهم بين هذه الأسواق.
-   ضمان تسوية حقوق المستثمرين و التزاماته من خلال شركات المقاصة في الدول الثلاثة دون الحاجة للانتقال إلى الدولة الأخرى.
- توفير المعلومات و البيانات المالية عن الشركات المدرجة في البورصات الثلاث كما يتاح للمستثمرين في تلك الأسواق إلى الاضطلاع بشكل يومي علة بيانات التداول و الأسعار من خلال شبكة رويتر التي تبث معلومات عن التداول.
- إتاحة الفرصة أمام القطاع الخاص في تلك الدول للقيام بدور أكبر في تمويل التنمية الاقتصادية فيها من خلال تكوين شركات مشتركة برؤوس أموال ضخمة تطرح أسهمها في البورصات الثلاث.
- و ترتيبا على ما سبق يمكن القول أن الاتفاقية الثلاثية بإطارها التنظيمي تشكل نواة لسوق مالية عربية مشتركة، سوق تتعز باستكمال الجوانب المؤسسة لها، و المتمثلة في إنشاء مؤسسة التقاص، و شبكة المعلومات المالية التي باشرت أعمالها مطلع سبتمبر 2001.[35]


خلاصة الفصـل الثاني

      إن المشكلة الحقيقية بالنسبة إلى مستقبل الأسواق العربية المالية يتمثل في عدم إقامتها على أسس إستراتيجية محددة للتنمية و التكامل الاقتصادي و المالي العربي، و بناءا على عملية تخطيط عربية تنطلق من المبادئ و الأهداف التي تتضمنها هذه الإستراتيجية و خير ما يساعد على تحقيق التطلعات العربية المستقبلية هو توجه الدول العربية نحو التكامل كمجموعة واحدة يتفاعل فيها العمل القومي و القطري معا من خلال المصالح و منافع المتبادلة بحيث لا يجب أن تغيب فيها الإرادة السياسية و التي هي شرط مسبق لأية عملية أما الشروط الأخرى فإنا قابلة للحل طالما توفرت الإرادة السياسية.


(*) . الشفافية و الإفصاح: الالتزام بالإعلان المتواصل و نشر المعلومات المتعلقة بنشاط المؤسسة أو عن تسييرها و عدم وجود أنظمة معلومات محاسبية فعالة و نصوص قانونية واضحة يؤدي إلى التهرب الضريبي و يؤثر على الأسعار السائدة في السوق.
[1] . صندوق النقد العربي، التقرير الاقتصادي العربي الموحد، أبو ظبي، سبتمبر 2000، ص 184.
[2] شذا جمال الخطيب، العولمة المالية و مستقبل الأسواق المالية العربية لرأس المال، الطبعة الأولى 2002، عابدين (مصر)، ص 84.
[3] . سليمان المنذري: البورصات العربية، الدور و العلاقات البينية و تحديات التحرير، الأهرام، القاهرة 2001، ص 142-143.
[4] . منير هندي، آليات تنشيط التداول في البورصات العربية، الإسكندرية 1997، ص 12.
[5] . سليمان المنذري، مرجع سابق، ص 142.
[6] . شذا جمال الخطيب، مرجع سابق، ص 184.
[7] . شذا جمال الخطيب، مرجع سابق، ص 84.
[8] . عبد المنعم السيد علي: التكامل الاقتصادي العربي، الواقع و الآفاق، الطبعة الأولى 1998، بيروت، ص 178.
[9] صلاح الدين حسن السيسي: بورصة الأوراق المالية العربية و الدولية، الطبعة الأولى 1998، القاهرة،ص 30.
[10] . نفس المرجع، ص 31.
[11] . أحمد سيد مصطفى: تحديات العولمة و التخطيط الإستراتيجي، الطبعة العربية (2002-2003) مصر، ص 77.
[12] . نواري الطاهر: تطور الأسواق المالية في الدول العربية، مذكرة  ليسانس، كلية علوم اقتصادية، جامعة المدية (2005-2006)، ص 80.
[13] . عبد المنعم سيد علي، مرجع سابق، ص 176-177.
[14] . كريم النشاشي: تحقيق الاستقرار و التحول إلى اقتصاد السوق -FMI- 1998 الجزائر، ص 72.
[15] . سمير عبد الحميد رضوان، أسواق الأوراق المالية و دورها في تمويل التنمية الاقتصادية، المعهد العالي للفكر الإسلامي، 1996، ص 5.
[16] . خليفة علي ضو، القطاع المالي في البلدان العربية و تحديات المرحلة المقبلة، صندوق النقد العربي، أبو ظبي 2000، ص 193-203.
[17] سليمان المشري، مرجع سابق، ص 138.
[18].جمال عبد اللطيف السرابي: دور المعلومات الداخلية في السوق المالي، الاتحاد العربي لبورصة الأوراق المالية، القاهرة، نوفمبر1987،ص97-98.
[19] . شذا جمال الخطيب، مرجع سابق، ص 70.
[20] . شذا جمال الخطيب، مرجع سابق، ص 71.
[21] . عبد الجابر تيم و آخرون، مستقبل التنمية في الوطن العربي، دار النشر و التوزيع، عمان – الأردن 1998، ص 211.
[22] .عبد الجابر تيم و آخرون، نفس المرجع، ص 212-213.
[23] . عبد المنعم السيد علي، مرجع سابق، ص 169-170.
[24] . ضياء مجيد الموسوس، العولمة و اقتصاد السوق الحرة، ديوان المطبوعات الجامعية، بن عكنون، الجزائر 2003، ص 114-115.
[25] . عبد الجابر تيم و آخرون، مرجع سابق، ص 214-215.
[26] .  عبد المنعم السيد علي، مرجع سابق، ص 169.
(*) . بلدان العجز العربية: و يقصد بها تلك البلدان التي تعاني من العجز في موازينها التجارية، و عجز في المديونية للخارج و هي أغلبها دول نفطية رغم توفرها على موارد أخرى هائلة إلا أن هناك أسباب عملت على عدم جلب الاستثمار إلى هذه البلدان مثل الصراعات و الحروب و من بين هذه الدول: السودان، الصومال، اليمن، لبنان، سوريا، موريتانيا، جيبوتي ... الخ.
[27] .  عبد المنعم سيد علي، مرجع سابق، ص 170.
[28] .صلاح الدين حسن السيسي، مرجع سابق، ص 38.
[29] . حسين مرهج العماش، التكامل الاقتصادي العربي، سلسلة كتب المستقبل العربي (12)، الطبعة الأولى 1998، بيروت، ص 218.
[30] . حسين المرهش العماش، مرجع سابق، ص 197.
[31] . صلاح الدين حسن السيسي، مرجع سابق، ص 40.
[32] . شذا جمال الخطيب، العولمة المالية، مرجع سابق، ص 104.
[33] . مرجع سبق ذكره، ص 15.
[34] . صعفق عبد الله الركيبي، تجربة ربط لبورصات العربية من خلال الاتفاقية الثلاثة (أسواق الكويت لبنان، مصر)، القاهرة 1997، ص 10.
[35] . سليمان المنذري، " البورصات العربية"، مرجع سبق ذكره، ص 149-150.