هـــــــــــــــــــــام جــــــــــــــــــــدا: الدعوة إلى الله هي مهمة الرسل وأتباعهم

يوجد صفحات من موقع "دار الإسلام" مخصصة لمساعدة أصدقائكم من غير المسلمين عن طريقكم بدعوتهم إلى التعرف على الإسلام بأحد السُبل والخيارات التالية:
1- عن طريق صفحات لتعريف بالإسلام بأكثر من 90 لغة
2- عن طريق الحوار مع مختصين داخل الموقع للتحدث المباشر مع غير المسلمين والمسلمين الجدد
3- عن طريق كتب مميزة
4- عن طريق الأسئلة والأجوبة والفتاوى التي يسترشد بها لهداية الناس بمختلف اللغات
5- وطرق أخرى ستكتشفونها بأنفسكم
للدخول للموقع يرجى الضغط على الرابط التالي: https://islamhouse.com

أنظروا إلى فضل إدخال الناس للإسلام:

قال الله تعالى: وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ[فصلت:33]، وقال صلى الله عليه وسلم:لَئَنْ يَهْدِي بَكَ اللهُ رجلاً واحداً خيرٌ لكَ مِنْ حُمْرِ النعم متفق عليه. وقال صلى الله عليه وسلم: من دل على خير فله مثل أجر فاعله.رواه مسلم ، وقال صلى الله عليه وسلم: مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى كَانَ لَهُ مِنْ الأَجْرِ مِثْلُ أَجُورِ مَنْ تبعه، لاَ يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئاً،رواه مسلم. فأبشر أخي الكريم، أختي الكريمة، فإن الله سيكتب لك أجر كل خير سيعمله من يسلموا بسببك، و أتمنى أن تجتهدوا في دعوة الناس إلى دين الله.

في الأخير لا تتردوا في نشر هذه الصفحة وشكرا






الاثنين، 25 يونيو 2012

السيٌاسة الجبائية المفاهيم والأهداف -الفصل1


الفصل الأول
السيٌاسة الجبائية : المفاهيم والأهداف






مقدمة الفصل:
إن تحدّيد ماهية السّياسة الجبائية هو تحدّيد ضمني للسّياسة الإقتصادية و الإجتماعية التي يتبعها كل مجتمع نظرا لوجود إرتباطات عضوية بين الجباية، التوّجه السّياسي و كذا وضعية التنمية الإقتصادية.
فالسّياسة في إطارها الإقتصادي  و الإجتماعي تعرّف علي أنها مجموعة من الإختيارات المتعلقة بمجموعة من الأهداف،  و مجموعة الوسائل لتحقيق هذه الأهداف و ذلك لتحسين وضع معين أو تغييره. كذلك فإن هذه الإختيارات في حدّ ذاتها مرتبطة كل الإرتباط  بالقيم المذهبية و الفلسفية و التاريخية للمجتمع و التي تحدّد بدورها دور الدّولة و تعاملاتها مع الفرد و المجتمع على حدّ السوّاء و هذا ما ينطبق أيضا و بصفة خاصة على السّياسة الجبائية  إضافة إلى أن تحديد إطار لمفهوم الإقتطاع الجبائي  Notion du prélèvement Fiscal ضمن تصور دور الدولة و تحدّيد الكيفيات و القواعد للقيام بهذا الإقتطاع أي إستعمال أدوات التقنية الجبائية، يحّدد بصفة نسبية ماهية السّياسة الجبائية.        
وتتحدد السّياسة الجبائية بإختيار أهدافها أيضا إضافة إلى إختيار أدواتها، و هو ما يتلخص في الإجابة عن إشكالية فيما يفيد الإقتطاع الجبائي ؟
فالتصّور الكلاسيكي يرتكز على فكرة أن تنظيم الحياة الجماعية يهيئ مزايا عديدة يجب دفع  تكلفتها( )، و ضمن هذا التصّور فإن هدف الإقتطاع الجبائي هو أساسا هدف مالي يتمثل في تغطية أعباء التنظيم الإجتماعي.
أما التصّور الحديث فإنه يرتكز على التحليل الإنتقادي لآليات توزيع الموارد و الثروات في المجتّمع وآليات عمل الإقتصاد الحرّ حيث يهدف الإقتطاع الجبائي إلى تصحيح الإختلالات في توزيع الثروات و الموارد و توجيه مسار الإقتصاد، لذلك فإنه ينتج  لدينا هدفين : هدف إقتصادي و هدف إجتماعي إضافة إلى الهدف المالي.


  المبحث الأول: ماهية السياسة الجبائية:
و يمكن تعريف السّياسة الجبائية نظريا حسب مفهومين :
فالمفهوم الأول: هو التصّور العام الذي يوضع للنظام الجبائي كالأهمية المتبادلة لمختلف الضرائب، مجال الضرائب المباشرة بالنسبة للضرائب غير المباشرة، إستحداث ضرائب جديدة مثل الضريبة على الدّخل الإجمالي، الضريبة على أرباح الشركات، الرّسم على القيمة المضافة و الضريبة علي الممتلكات سنة 1992 في الجزائر، حيث تعلق الأمر بإختيارات أساسية للهيكل الجبائي ضمن النظام الجبائي و التجربة أثبتت أن تطبيق مثل هذه الإختيارات يتطلب عنصر الزمن. فمثلا التطبيق التّام لضريبة الدّخل تطّلب خمسون سنة في فرنسا و عملية تعميم تطبيق الرّسم علي القيمة المضافة تطلبت 30 سنة.()
أمٌا المفهوم الثاني فإنه يتمثل في  كونها  مرادفا  لمصطلح   " الإصلاح الجبائي" Réforme Fiscale  فليس هناك إعادة نظر كلّية في النظام الجبائي أو إستحداث ضرائب جديدة و لكن إحداث مجرد تغييرات بسيطة غالبا ما تكون لأهداف إقتصادية و إجتماعية بتكييف بعض القواعد القانونية الجبائية أو مراجعة نسب الضرائب الموجودة.
وفي هذا الصّدد يمكن ذكر التعريف الذي إقترحه" موريس لوري" للسّياسة الجبائية نظرا لتميزه بخاصية الشمولية :
" السّياسة الجبائية هي فن الإقتطاع بأحسن صيغة ممكنة مبلغ من الضرائب محدّد مسّبقا و تمتّد عبارة أحسن صيغة ممكنة إلى عدّة جوانب منها العدالة الإجتماعية، التجارة الخارجية، التطور التقني.... و كذلك تنمية الإدخار"( ) و أيا كان التّعريف الذي تعرف به السّياسة الجبائية فإنه لا يكفي وحده لتحديد ماهيتها في إطارها العام و لذلك يجب الأخذ بعين الإعتبار مجموعة من الخصائص.


المطلب الأول : التصور الإقتصادي، الإجتماعي و السّياسي لدور الّدولة.
إن تحديد الإتجاهات الإديولوجية الإقتصادية، الإجتماعية و السّياسية لدور الدّولة يتحدّد بدور الإتجاهات العامة للسّياسة الجبائية و يبرر التدّخل العمومي لأسباب تخصيص الموارد، إختيارات إعادة التوزيع أو إرادة الإستقرار، مما يجعل الدّولة تضطلع بمهام و وظائف عديدة تدريجية يمكن صياغتها على النحو التالي:
1. دولة العناية L'Etat Providence
يجد هذا التصور أصوله إبتداءا من سنة 1870عند  المفكرين الليبراليين المعارضين لفكرة تنامي مهام الدّولة إضافة إلى معارضتهم للفلسفة الفردية الراديكالية أو المتطرفة. ومن بين هؤلاء نذكر ألفريد مارشال، ليون فالراس وباريتو وستانلي جيفنس.
كما يسمح هذا المفهوم للسلطات العمومية من تلبية حدّ أدنى من الحاجيات في إطار المرفق العام و أول تجربة كانت في ألمانيا، قام بها بسمارك عندما أحدث سياسة إجتماعية تحرّر الأفراد من الحاجة وتحميهم من الخطر( ). وقد تعمّم هذا التصّور بعد ذلك إلى العديد من البلدان ومن الأمثلة الشائعة أنظمة الحماية الإجتماعية كالتأمين عن الأمراض و البطالة، نظام المعاشات و نظام التأمين عن حوادث العمل أيضا و تستعمل سياسة الدّولة المعتنية أيضا مباديء التقويم الكينزية من خلال إيجاد التوافق بين متطلبات النّمو الإقتصادي و كذا مستلزمات العدالة الإجتماعية فالدّولة تتدخل لتحفيز الإستهلاك ( نظرية المضاعف) لبعث الإستثمار (مبدأ المسرّع أو المعجّل) و بذلك تدعيم النمو الإقتصادي غير أن سياسة الدّولة المعتنية تصطدم بمشاكل إمتدادها عندما لا يتماشى التدّخل العمومي مع البّحث عن الرفاهية.
2- دّولة الرّفاهية L'Etat de Bien- être
لقد ظهرت الأدبيات المتعلقة بدّولة الرّفاهية ( نظرية الرّفاهية Théorie de bien être )  بشكل واسع خلال الفترة الممتدة بين 1920 و 1950 خاصة في أوروبا الغربية و الولايات المتحدة الأمريكية و مؤسس نظرية الرفاهية الإقتصادية هو أ.س.بيقو Arthur Cecil Pigou( )،  أما موضوعها فيتعلق بالبحث عن إختيار أحسن سياسة عمومية من بين مجموعة من التدخّلات الممكنة حيث الخاصية المرجعية المعتمدة هي نظرية الأمثلية  عند  باريتو().
و هناك فرضيتان تؤسسان عملية البحث عن الرّفاهية( ):
1- تعتبر الفرد الحكم الوحيد عن رفاهيته.
2- لا تتأثر الرّفاهية الإجتماعية إلا برفاهية كل فرد من المجتمع  و منه فإن المنفعة الإجتماعية تعّرف من خلال المنافع الفردية و من الأمثلة عن فكرة الرفاهية نجد الأنظمة العامة للضمان الإجتماعي لكل السكان و تضاف أيضا إلى المتطلبات الإجتماعية، متطلبات النمو الإقتصادي التي تستلزم قيام الدّولة.  بتحقيق برامج ضخمة تكون موضوع قرارات عمومية.
3- الدّولة المخططة  l'Etat planificateur
إن تخطيط الإقتصاد الجزائري بدأ بصفة فعلية بعد الإستقلال منذ سنة 1967 و ما حقق من إنجازات كإنشاء القاعدة الصناعية أو تنمية المناطق الريفية و الهياكل القاعدية يرجع أساسا إلى فعالية قرارات السلطات العمومية . فالمخطط يرافق التنبؤ و يحدد إتجاه النمو.
و التخطيط الموجه يضمن تحقيق و بنجاح 06 شروط ضرورية للنشاط الإقتصادي( ) :                
التحديد الدقيق للأهداف و الأدوات.
مراقبة تطور الأسعار العمومية.
تحفيز الإستثمار العمومي.
الإعانات الحكومية للبحث عن فرص التشغيل.
الدور الإقتصادي للمؤسسات العمومية ( قرارات تأميم القطاعات الإستراتيجية ).
وضع السياسة الظرفية قيد التنفيذ.
وقد تؤدي سياسة الصالح العام هاته إلى بحث السلطات الوصية عن بعض المصالح الخاصة التي تبرّر أحيانا الإبقاء على بعض التدّخلات الإقتصادية غير الفعالة و المتعارضة مع العدالة الإجتماعية، في هذه الحالة فإن الدّولة تفضل وظائفها ذات المصلحة السّياسية العليا.                                                        
4- الدّولة السّياسية                                              l'Etat politique
فعملية البحث عن المصالح الخاصة يمكن أن تؤدي إلى تحقيق بعض المصالح العمومية، و بذلك الزيادة في المبلغ الإجمالي للنفقات العمومية، بعيدا عن التأثيرات الإقتصادية.
 و تتخذ الدّولة السّياسة حاليا مكانة إقتصادية معتبرة و هي تتدخّل بصفة  مكثفة بواسطة قراراتها في  التوجهات الإقتصادية الكبرى ضمن الجماعات المحلية، الإقليمية و الجهوية، و  ضمن هياكلها المركزية،  و على هذا الأساس نستنتج أن عملية الفصل بين دولة الرّفاهية و الدّولة السّياسية ليس لها أية قيمة نظرا لإلتصاق المفهومين بنفس أداء الدولة.
المطلب الثاني : مفهوم الإقتطاع الجبائي.
بعد تحديد تصوّر دور الدّولة نلجأ إلى تحديد مفهوم الإقتطاع الجبائي ضمن هذا التصّور نظرا لوجود علاقات و روابط ضيّقة و جدلية بين الضريبة و التوجهات السّياسية، حيث و حسب التعريف التقليدي فإن الضريبة تعتبر مساهمة، نقدية، إلزامية تقتطع من الأشخاص الطبيعية و المعنوية بشكل نهائي و بدون مقابل بهدف تغطية الأعباء العمومية للدّولة و الجماعات المحلّية، و بصيغة أخرى بغرض تحقيق الأهداف المسّطرة من قبل السّلطات العمومية. ( )
من هذا التعريف يمكن إستنتاج خصائص الضريبة كما يلي :          
الضريبة مساهمة و الذي يدفعها يدعى المساهم .                            
إقتطاع نقدي : فلا مجال للإقتطاع العيني .
إلزامية أو إجبارية : أي تستلزم تدخل سلطات الدّولة لإقتطاعها .
تقتطع  من الأشخاص الطبيعية و المعنوية : أي الأفراد و الشركات
نهائية : مما يميزها عن القرض العام أو العمومي الذي يستوجب سداده .
بدون مقابل مباشر لها حيث يمكن إعتبار أنه يترتب عن دفع الضريبة  مقابل عام لها، تتجسد في إستفادة كل أفراد المجتمع من الإمتيازات التي تضعها الدولة أو الجماعات المحلية في متناولهم.
يتنج من هذه الخاصية الأخيرة ضرورة تميّز الضريبة عن الرّسم الذي ينشئ حقا بالمقابل للذي يتحمله، فهو إقتطاع نتيجة إستعمال خدمة عمومية دون وجود علاقة بين مبلغ الإقتطاع و بين السّعر أو التكلفة الحقيقية للخدمة المقدّمة، و نشير في هذا الصدد إلى الصعوبة في إجراء عملية التمييز أحيانا بين الضريبة و الرّسم، فقد نسمي بعض الضرائب رسوما في حين أنها تعتبر ضرائب حقيقية كالرّسم على القيمة المضافة، الرّسم على النشاط المهني و الرّسوم على العقاراتو الرّسوم الجمركية.                                                                                                          
إضافة إلى أنه نادرا ما نستعمل مصطلح الّرسم عندما نكون أمام رسوم حقيقية و نستعمل مصطلحات أخرى كالحقوقDroits ، الأتاوى  Redevances ، الإشتراكات Côtisations   دفعات versements .....الخ.
و هذه المصطلحات تنشأ نتيجة إلتزامات تعاقدية بين الأفراد و الهيئات العمومية عند استعمال خدمات هذه الأخيرة فهي بذلك تتميز عن الرّسم في أن مبلغها يتحدّد حسب سعر أو تكلفة الخدمة العمومية المقدّمة و هي تختلف عن السّعر نتيجة وجود خاصية الإلزام و ما يترتب عنها،  فهي غير مرتبطة بموضوع الخدمة و لكنها مرتبطة بإستعمال هذه الخدمة كحالة السّعر الذي يدفع للهيئات العمومية ذات الطابع الصناعي و التجاري. (شركة النقل بالسكك الحديدية، سونلغاز..إلخ)
كذلك فإن هناك الإقتطاعات شبه جبائية و التي تشمل مجموع الإقتطاعات الإجبارية ( دون الضرائب، الرّسوم و بعض الأتاوى) المحصلة لفائدة أشخاص أخرى دون الدّولة، الجماعات المحلية و الهيئات العمومية الإدارية حيث تتنازل الّدولة عن جزء من سلطة الإخضاع لديها و تضعه في متناول بعض الهيئات العمومية الأخرى أو حتى الخاصة منها و بذلك فإن الأمر يتعلق بعملية تمويل إستثنائية و هي حالة الإشتراكات الإجتماعية و مختلف أشكال التأمين.
و رغم الإختلاف الواضح الموجود بين الضرائب و الإشتراكات الإجتماعية إلا أننا نشهد أحيانا نوعا من التقارب بين هذين الصنفين من الإقتطاع نتيجة ما يسمى بجباية الضمان الإجتماعي La fiscalisation de la sécurité Sociale() حيث تمّول الحماية الإجتماعية بالضرائب إضافة إلى الإقتطاعات الإجتماعية( ).          
مما سبق التطرق إليه نستخلص ما يلي :                                                                                  
1- سواء كان  الإقتطاع دون مقابل  فيما يخص الضريبة حيث  المقتطع منه يدعى المساهم Le Contribuable. أو بمقابل في حالة الّرسوم و الأتاوى بحيث الدافع لها يدعى المدين. le Redevable فإننا و في إطار هذا  البحث سوف نستعمل مصطلح العنصر الجبائي Le sujet fiscal  للدلالة عن الأشخاص موضوع الإقتطاع أو الدّفع.    
2- سواء كانت الإقتطاعات جبائية أو شبه جبائية فإنها تنتمي إلى فئتين أساسيتين : إقتطاعات إجبارية  مباشرة و إقتطاعات إجبارية غير مباشرة ممّا يحدد طبيعة الإقتطاع.
و معايير التفرقة بين هاتين الفئتين هي كما يلي :        
1- المعايير التقليدية للتفرقة  بين الإقتطاع المباشر و الإقتطاع غير المباشر.
وهي مجموعة المعايير الإدارية، القانونية و الإقتصادية التي قدمتها مختلف النظريات المذهبية في مجال العلوم المالية و التي يمكن طرحها على أساس التقسيم الموالي :
1- المعايير الإدراية و القانونية :
التفرقة من حيث الإلحاق الإداري  :
فالإقتطاع المباشر يكون من إختصاص إدارة الضرائب أما الإقتطاعات غير المباشرة فهي من إختصاص هيئات إدارية أخرى كالرّسوم الجمركية مثلا و التي تعتبر إقتطاعات غير مباشرة من إختصاص إدارة الجمارك.
التفرقة من حيث الجدولة :
و يعتبر هذا المعيار مكملا للمعيار الأول فالإقتطاعات المباشرة تحدد مبالغها ضمن الجدول  العامRôle Général أو ضمن الجداول الإضافية أو الفردية  Rôles Supplémentaires ou Individuels. التي تقوم بإعدادها إدارة الضرائب، أما الإقتطاعات غير المباشرة فلا تجدول و الجداول هي وثائق تثبت وجود حق جبائي للخزينة العمومية أما الإقتطاعات غير المباشرة فتحدّد مبالغها في وثائق أخرى دون الجداول، و هذا حسب نوع الإقتطاع أو الضريبة فمثلا الرّسم على القيمة المضافة عند الإستيراد يحدّد ضمن التصريح الذي تقدمه إدارة الجمارك.
التفرقة من حيث دورية الإقتطاع :
الضرائب المباشرة غالبا ما تكون سنوية() أي تحدّد في نهاية السنة المدنية أو المحاسبية() أما الضرائب غير المباشرة.  فتحديدها لا يخضع لهذا الشرط،  بل تحدّد طيلة السنة و في كل مرة وجدت فيها الحوادث المنشئة لها. و تجدر الملاحظة أن المعايير الإدارية و القانونية نسبية جدا إذا أخذنا بعين الإعتبار آليات إقتطاع كل ضريبة من الضرائب على حدى و في إطار البحث عن المعايير ذات قيمة اقتصادية فإننا سوف نتطرق الى المعايير الاقتصادية.                                                                                                                      
ب- المعايير الإقتصادية :    
و تعتمد على ثلاث أفكار و هي وجود أو عدم وجود ظاهرة نقل العبء الجبائي، إستقرار أو عدم إستقرار المادة الخاضعة و أخيرا الأخذ بعين الإعتبار أم لا للمقدرة التكليفية للعنصر الجبائي
وجود أوغياب ظاهرة نقل العبء الجبائي( حسب ظاهرة نقل العبء الجبائي ):        
يعتمد هذا المعيار على التمييز بين العنصر الجبائي القانوني و العنصر الجبائي الحقيقي حيث أن الضريبة المقتطعة قانونيا من عنصر جبائي معين يكون أو لايكون محل دفع فعلي من طرفه، فإذا كان بإمكان العنصر الجبائي التخلص من الضريبة و تحميلها على عنصر آخر عن طريق نقل عبئها فإن الضريبة تعتبر في هذه الحالة غير مباشرة و عكس ذلك فإنه في حالة إمتزاج الخاصية القانونية بالخاصية الحقيقية في العنصر الجبائي فإن الضريبة تعتبر مباشرة و بإدخال مفهوم إنعكاس الأثر L'incidence و إمتزاجه مع العبء القانوني فإن هذا يطابق الضريبة المباشرة و يطابق ضريبة غير مباشرة في الحالة العكسية) (
 و منه فإن الضريبة المباشرة لا يمكن تحميلها على عنصر جبائي آخر  أما الضريبة غير المباشرة فيمكن تحميلها.
 و نقلا عن أفكار "جون ستيوارت ميل"  فإن الضريبة تعتبر مباشرة عندما يكون دافعها متحملا لها بصفة نهائية لكن الواقع الجبائي يحتوي  على حالات يتم فيها نقل عبء الضرائب المباشرة.
إستقرار أو عدم إستقرار المادة الخاضعة(حسب وضعية المادة الخاضعة):
فإذا كانت المادة الخاضعة ثابتة مع إمكانية تجددها في الزمن فإن الضريبة المقتطعة تعتبر مباشرة أما إذا كانت المادة الخاضعة ظرفية و موضوع تغيّر، فإن الضريبة المقتطعة تعتبر غير مباشرة و عليه فإن المداخيل المحقّقة نتيجة ممارسة مهنة معينة أو حيازة رأس مال يخضع بصفة مباشرة في حين الإستهلاكات المتغيرة في أساسها و مبيعات العقارات تخضع بصفة غير مباشرة.
فالضريبة المباشرة هي التي تمسّ قدرات المكلفين بالإخضاع المباشر لرؤوس أموالهم و مداخيلهم في حين الضريبة غير المباشرة تحدّد على أساس وقائع الإنتاج، الإستهلاك و التبادل( ).                                    
الأخذ بعين الإعتبار أم لا للمقدرة التكليفية ( حسب المقدرة التكليفية ) :                        
حيث تعرّف الضريبة المباشرة على أنها تلك التي تخضع العنصر الجبائي بالتأثير المباشر على مقدرته التكليفية، في حين تعرّف الضريبة المباشرة على أنها تلك التي تخضعه بالتأثير غير المباشر على هذه المقدرة كقيامه بعملية إنفاق مثلا.
و يلاحظ أن هذا المعيار له أهمية إدارية أكثر منه إقتصادية لأن مفهوم " المقدرة التكليفية"  لاتتوفر فيه الدّقة الكافية والتي تعتمد بدورها كأساس للتمييز بين إقتطاع مباشر و إقتطاع غير مباشر. فالمقدرة التكليفية تسهل عملية تحديدها إداريا، لكن العملية صعبة جدا إقتصاديا لإرتباطها بمجموعة ضخمة من المقاييس الإقتصادية و هذا إضافة إلى أن المصطلح يطرح مشكل إيجاد تعريف له .
2-  التّفرقة حسب معيار المحاسبة الوطنية
إنّ تطور مفاهيم المحاسبة الوطنية سمح بإستنتاج مجموعة من التطورات الجديدة حول المعطيات الكلية للإقتصاد الوطني فمن الناتج الوطني الخام نحصل على الناتج الوطني الصّافي بعد خصم كتلة الإهتلاكات،  ثم نحصل على الدّخل الوطني بتكلفة عوامل الإنتاج بعد خصم قيمة الضرائب غير المباشرة صافية من الإعانات من الناتج  الوطني الصافي.
كذلك و بنفس الطريقة و لتحديد حجم الإنفاق الوطني فإننا نقوم أولا بحساب الدّخل المتاح لدى الأفراد فتطرح كتلة الضرائب المباشرة من الدّخل الوطني ثم نضيف لهذا المبلغ مجموع الموارد الخاصة بالدّولة سواء كانت الضرائب مباشرة، الضرائب غير المباشرة صافية من الإعانات أو رصيد التحويلات و القروض المحصّل عليها من غير المقيمين.
مما سبق يمكن الملاحظة أننا نلجأ غالبا إلى التعامل بين هاتين الفئتين الجبائيتين ضمن المحاسبة الوطنية حيث تعتمد هذه الأخيرة على مصداقية نظام المعلومات الإحصائية
و الإحصائيون يفصلون بوضوح بين الضرائب المباشرة و الضرائب غير المباشرة و في هذا الشأن يكتب ريتشارد ستون " إنّ التمييز بين الضرائب المباشرة و الضرائب غير المباشرة صادر عن أسباب ذات طابع تحليلي حيث يتمثل الموضوع في التفرّقة بين الضرائب التي تؤثّر مباشرة على الأسعار النسبية   و الضرائب التي لا يمكنها ذلك بأي طريقة كانت") (
و في الواقع لا يمكن تحديد الخط الأمثل للتفرقة بينهما و لكن نعتمد أصلا على مقاييس و إعتبارات عملية و على هذا الأساس فإن الضرائب المباشرة هي الضرائب التي تفرض على الدّخل بمختلف أشكاله و الضرائب  على الممتلكات أو الثروة كحقوق الترّكة، أما الضرائب غير المباشرة فهي ضرائب تفرض على السّلع و الخدمات و التي تقتطع على أسعار البيع  كالحقوق  الجمركية، الحقوق غير المباشرة و الرّسوم على رقم الأعمال، و عليه فإن عملية التمييز تكون دائما بين ضرائب الدّخل المحتواة داخل كتلة المداخيل الناتجة عن الإنتاج الوطني و التي على أساسها يحدّد الدّخل الوطني أو النّاتج الوطني الصافي بتكلفة عوامل الإنتاج و بين الضرائب التي تؤسّس الفرق بين هذا الأخير أي الدّخل أو النّاتج الوطني الصّافي بتكلفة عوامل الإنتاج، و الدخل أو الناتج الوطني الصّافي بسعر السوق. كذلك فإنه من ملاحظة الأنظمة الجبائية لكلّ الدّول تستنتج أن هناك مقارنة بين الضرائب على الدّخل من جهة و الضرائب على المبيعات من جهة أخرى و لكن لأخذ نظرة عامة فإننا نحتفظ بالمفهوم الواسع، حيث نستعمل مختلف المعايير للتفرقة بين الضرائب المباشرة  و الضرائب غير المباشرة.
3-  التفرقة حسب معيار موضوعي.                                                                    
حيث يمكن من خلال عملية التصنيف هذه القيام  بالتنسيق بين مختلف الأفكار التي لاتسمح بالتصنيف المنهجي و الدقيق  للضرائب العديدة المكونة للنظام الجبائي، كما أن إطار الدراسة يحتاج إلى تصنيف مزدوج تحتل فيه تعاريف الإقتطاع من حيث أنه مباشر أو غير مباشر مكانة ثانوية.                                                            
و المعيار المعتمد يتخّذ مرجعا له سلوك العنصر الجبائي بإعتباره مستهلكا أو بصيغة أخرى منفقا. ففي مرحلة أولية يكون بحوزته قدر معين من رأس المال أو من الدّخل مقابل حرية واسعة لإستعمال هذه الموارد، ففي كلّ مرّة يتغيّر فيها مبلغ الضريبة الذي يدفعه الفرد حسب قرارات الإنفاق لديه فنقول أن الضريبة تعتبر غير مباشرة و بالعكس فإن الضريبة تعتبر مباشرة عندما لا يخضع مبلغها لقراراته.
و هو ما يمكن توضيحه عن طريق المعادلة التالية :

                                                                ( )
حيث   P0   و  P1    يمثلان على التوالي الحالة المالية للعنصر الجبائي بالنسبة للدّورة الابتدائية و الدّورة الإبتدائية . R1دخل الدورة الأولى و D1 إنفاق نفس الدورة.
ففي كل مرّة تعلق الإقتطاع بالطرف الأولى من المعادلة فإننا بصدد ضريبة مباشرة، أما إذا تعلق الإقتطاع بالنفقة  D1فإننا بصدد ضريبة غير مباشرة.
      و بذلك فإن الضرائب غير المباشرة هي دالة بالنسبة لسلوك المستهلك و هذا ما يؤكد أن العنصر الجبائي هو عنصر إقتصادي كذلك حيث أنه يؤثر على وضعيته المالية في الدورة الأولى و ليكن P1  و ذلك حسب طريقتين:    
التغيير في قيمة الحّد R1 بالزيادة أو النقصان في جهده الإقتصادي و بصيغة أخرى إمكانية التأثير على الحدث المنشئ لدخله.                                                                              
التغيير في قيمة الحد D1 بزيادة أو بتخفيض طلبه الإقتصادي و بصيغة أخرى إمكانية التأثير على إستعمال دخله.
فالتحليل بهذه الطريقة يعتمد على نظرية الإنعكاس أو التأثير الأمامي بحيث نأخذ بعين الإعتبار التأثير على إستعمال الدّخل كقاعدة للتفرقة  بين الضرائب المباشرة و الضرائب غير المباشرة.  
 وعلى أساس هذا المعيار فإن الضريبة المباشرة توافق ضريبة الدّخل و الضريبة غير المباشرة توافق ضريبة الإنتاج و ضريبة الإستهلاك،  بالإعتماد على الفرضيات التقليدية لنظرية الإنعكاس. إلا أن هناك بعض الحقائق التي يجب التطرّق إليها، وهي أن الضريبة المباشرة على دخل المنتج تؤدي إلى ارتفاع سعر منتوجه و بذلك تتحّول الضريبة المباشرة على المنتج إلى ضريبة غير مباشرة على مستهلك المنتوج
و بذلك فإن المستهلك يؤثر على الدّفع الجبائي من خلال التأثير على الكميات المشتراة و بالمثل فإن ضريبة غير مباشرة مفروضة على المنتج، مع قابلية نقل عبئها على المستهلك تتحّول إلى ضريبة مباشرة على المنتج  عندما يمنعه الظرف من تحويل عبئها على زبائنه.  
إن عملية الفصل بين الضرائب المباشرة و الضرائب غير المباشرة يمكن أن تؤدي إلى أخطاء عند تجاهل الصعوبة و التعقيد الموجودان في مشكلة إنعكاس أثر الضرائب .


المطلب الثالث : كيفيات و طرق الإقتطاع الجبائي :
تقترح التقنية الجبائية عدة خيارات لتعبئة الموارد الجبائية و إستعمال هذه الخيارات يحدد بشكل واسع ماهية السّياسة الحبائية المعتمدة من حيث توجهاتها التقنية، فإختيار المادة الخاضعة و تقديرها أو ما يسمى تقنيا بتحديد الوعاء، إضافة إلى إختيار نسبة الإخضاع أو الإقتطاع الواجبة التطبيق على الوعاء و طريقة التحصيل تشكل أدوات الإقتطاع الجبائي التي توجد في قاعدة إعداد السّياسة الجبائية.              
إن تعبئة الإقتطاع الجبائي تطرح ثلاث إشكاليات أساسية و هي  :          
تتمثّل الأولى في معرفة مدى إمتداد الإقتطاع الجبائي و هي إشكالية الوعاء.
والثانية في الكيفية التي يتم بها تحديد مبلغ الإقتطاع الجبائي و هي إشكالية التصفية.
أما الثالثة و الأخيرة فتتمثل في طرق دفع الإقتطاع الجبائي و هي إشكالية التحصيل.
 و تجدر الملاحظة أن إشكالية التحصيل لها بعد إداري أي ترتبط بآليات عمل إدارة الضرائب, في  حين أن إشكالية الوعاء و إشكالية التصفية أو نسبة الإقتطاع الجبائي هي إشكاليات ذات بعد إقتصادي و إجتماعي إضافة إلى البعد الإداري.                                                    
1-  تحديد وعاء الإقتطاع الجبائي.
تحدّيد الوعاء معناه تحدّيد المادة التي تخضع للإقتطاع، تحدّيد قواعدها و كذا الواقعة أو الحدث المنشئ( ) و عليه فإن تحدّيد الوعاء يستلزم نوعين من العمليات :
الأولى تتمثل في إختيار المادة الخاضعة و الثانية في تقدير هذه المادة.
أ- إختيار المادة الخاضعة للإقتطاع الجبائي    
هذا الإختيار واسع جدّا و يمكن أن يمتّد إلى كلّ شيء موجود ماديا، إلا أن الأنظمة الجبائية الحديثة تعتمد في إختيار المادة الخاضعة على المداخيل، رؤوس الأموال و النفقات.
و يأخذ إخضاع المداخيل حاليا مكانة هامة في النظام الجبائي الجزائري، إلا أنه يطرح مشكلا حادا يتمثل في كيفية تقدير المادة الخاضعة و بصيغة أخرى كيف يمكن معرفة و بدقّة مبلغ دّخل العنصر الجبائي الذي يعتمد كقاعدة لفرض الإقتطاع الجبائي ؟
ب- تقدير المادة الخاضعة للإقتطاع الجبائي :      
يمكن إستعمال أربع طرق رئيسية لتقدير المادة الخاضعة للإقتطاع الجبائي و هي : نظام التقدير المراقب، التقدير الجزافي، الطريقة القياسية و الإخضاع التلقائي.
نظام التصريح المراقب :
و هي الخاصية الأساسية للنظام الجبائي الجزائري ، بحيث يوصف بأنه نظام تصريحي  Système déclaratif.  و بذلك فإن كل الضرائب تقريبا تكون موضوع تصريح،
و تعتمد هذه التقنية أساسا على تعاون و صّدق العنصر الجبائي بإعتباره هو الذي يقوم بعملية التصريح بمبلغ دخله، ربحه أو رقم أعماله، حتى تتمكن إدارة الضرائب من حساب الضريبة المطابقة.( ) كما يمكن أن يكون هذا التصريح سنويا( حالة الضريبة على الدّخل الإجمالي أو الضريبة على أرباح الشركات ) أو شهريا (حالة الرّسم على القيمة المضافة) أو ظرفيا ( حالة حقوق الترّكة عند الوفاة ). و هو إلزامي حيث توقع غرامات مالية عند تأخر التصريح و عقوبات عند عدم التصريح .
كذلك من المفروض أن تكون المعلومات المصرّح بها صحيحة و هذا الإفتراض هو في صالح العنصر الجبائي، لأن إثبات هذه المعلومات يقع على عاتق إدارة الضرائب : و التقنية كما سبق ذكره تتأسس على صّدق و نزاهة العناصر الجبائية، لكن نلاحظ على أرض الواقع أن هذا الصّدق يتغير أو يتأثر حسب قدرة المصالح الجبائية على معرفة مداخيل هذه العناصر، فعندما تتوفر المصالح الجبائية على إمكانيات فعالة تمكن من الإحاطة بهذه المداخيل فإن التصريحات تكون عادة صادقة و في الحالة العكسية أي عدم توفر إمكانية الإحاطة بالمداخيل، فإن عامل الصّدق لدى العناصر الجبائية ينقص.
كذلك هناك الوضعيات التي توجد فيها العناصر الجبائية لا سّيما حالة الأجراء و غير الأجراء حيث مداخيل الفئة الأولى تكون موضوع تصريح من قبل مستخدميهم، في حين مداخيل الفئة الثانية لا يمكن أن يصرح بها شخص آخر دونهم (حالة الأرباح الصناعية و التجارية و حالة مداخيل المهن الحرّة ) حيث يمكن إستنتاج تأثر عامل الصّدق .
للقيام بمراقبة هذه التصريحات فإن إدارة الضرائب تقوم بالمراجعات  أو التحقيقات المحاسبية مما يستلزم وجود محاسبة و إلا فإنه يتم إعتماد مناهج تقدير أخرى في حالة عدم وجودها.
تقنية التقدير الجزافي :
مفهوم التقدير الجزافي يستلزم عادة وجود فكرة المخاطرة الموزعة بين الأطراف المعنية إلا أن التقدير الجزافي الجبائي لا يتوفر على هذه الفكرة لأن من مزاياه وجوده في صالح العنصر الجبائي،  و يمكن لهذا الأخير أن يتنازل عن الإخضاع الجزافي لصالح التصريح المراقب.  كما أن الطريقة كانت موضوع تطبيقات مختلفة حسب مختلف الفئات المهنية (حالة المداخيل الفلاحية  و حالة التقدير الجزافي للأرباح الصّناعية و التجارية ) و هو ما يمكن معاينته من خلال التشريع الجبائي الجزائري .
إن إعداد التقدير الجزافي ينتج عن إجراءات حضورية بين الإدارة الجبائية و العنصر الجبائي بالأخذ بعين الإعتبار مجموعة من المعلومات كنوع النشاط الممارس، رقم الأعمال السنوي، تحديد مكان تواجد النشاط، طبيعة الزبائن، مبلغ الأعباء المهنية... إلخ  لتحدّيد الربح و في حالة قبوله من طرف العنصر الجبائي يعتمد كقاعدة لفرض الضريبة.
بإتباع تقنية التقدير الجزافي فإننا نقوم بتقدير جزئي للدّخل الحقيقي، و هو ما يعتبر شكلا من أشكال التهّرب الجبائي، و هو السّبب الذي أدّى بالمشرّع إلى الحدّ من اللّجوء إلى هذه التقنية بالإمتناع عن تمديد حدوده التي عند تجاوزها يلغى الإخضاع الجزافي و يصبح التصريح المراقب إلزاميا   و تتمثل هذه الحدود عادة  في حجم رقم الأعمال المحقّق.

الطريقة القياسية أو طريقة المؤشر:
 حسب هذه الطريقة فإن الإخضاع الجبائي يكون على أساس مؤشرات تدّل عن أهمية مداخيل العناصر الجبائية) ( عوض البحث عن معرفة مداخيلهم بدقة أو تقديرها جزافيا و بذلك يعتد بالطريقة كوسيلة للمراقبة، عندما يتبيّن للإدارة الجبائية أن التصريحات ناقصة و لا تعكس نمط معيشة العنصر الجبائي، كما يعتد بها كوسيلة عقاب في حالة عدم التصريح حيث تتخّذ بعض المؤشرات ( قيمة السّكنات أو السّيارات ) كأساس لتحديد وعاء الإقتطاع الواجب فرضه.
طريقة الإخضاع التلقائي :
و تسمى أيضا طريقة التصحيح التلقائي أو طريقة التقدير التلقائي و تعتمد أيضا كوسيلة لمراقبة التصريحات الجبائية و تطبّق في حالة غياب المحاسبة أو رفضها من قبل أعوان الإدارة الجبائية.
و في حالة عدم الإجابة عن طلبات التوضيح و التبرير و كذلك في حالة معارضة الرّقابة الجبائية، و هي تخّول سلطات واسعة لإدارة الضرائب في عملية تقدير وعاء الإقتطاع الجبائي.( )                                      
2- تحديد مبلغ الإقتطاع الجبائي:
تحدّيد مبلغ الإقتطاع الجبائي أو القيام بعملية التّصفية يسمح للعنصر الجبائي بمعرفة الدّين الجبائي المترتب عليه حيث تطبق نسب الإقتطاع على الوعاء و تكون هذه النسب إما ثابتة أو متناسبة أو تصاعدية.
بالنسبة للضرائب ذات النسبة الثابتة فإنه لدينا نفس المبلغ من الحقوق و في كل الحالات الممكنة و هي الحالة في بطاقة التعريف الوطنية، رخص السياقة، البطاقات الرمادية أو جوازات السفر فمبلغ الإقتطاع هو نفسه بالنسبة لكل العناصر الجبائية أما الكيفية الثانية فتتعلق بالضرائب ذات النسب أو المعدلات المتناسبة حيث نطبق نسبة مئوية على المادة الخاضعة  مثلا 30%  من الأرباح المحقّقة من طرف الشركات. ففي هذه الحالة نخضع المادة الخاضعة لنسبة مستقرة سواء كان الربح ضعيفا أو مرتفعا و بالطبع فإن مبلغ الإقتطاع يتغير حسب كل عنصر جبائي بدلالة أهمية الرّبح الذي حققه.
و الكيفية الثالثة تخصّ الضرائب ذات النسب التصاعدية حيث يخضع الوعاء لنسبة تتصاعد بتصاعده و بصيغة أخرى فإن نسبة الإقتطاع ترتفع بإرتفاع المداخيل و هي تستعمل بصفة خاصة في إطار ضريبة الدّخل الإجمالي، كما نجدها أيضا في حقوق الترّكة و كّذا الهبات بأهمية أقل والرّسم على القيمة المضافة يشهد كذلك نوعا من التصاعدية نظرا لوجود نسب عديدة (7 % و 17%).
و هناك جدل حاد حول إشكالية معرفة ما هو النظام الأكثر عدلا، فالكّل يتفّق على أن نظام الحقوق الثابتة ليس بعادل لأنه لا يأخذ وضعية العنصر الجبائي الذي يتحملها بعين الإعتبار فالضريبة نفسها بالنسبة لكل العناصر الجبائية.                                                                                                      
أما فيما يتعلق بالنسبة المتناسبة و النسبة التصاعدية فلكّل منهما مؤيدين ففي القرن التاسع عشر إعتبرت النسبة المتناسبة كافية لتلبية مطالب العدالة الجبائية( )، بحيث أنه إذا كان دخل العنصر الجبائي 8000 دج و نسبة الإقتطاع هي 10% فإنه يدفع 800 دج أما إذا كان دخله يساوي  02400 دج فإنه يدفع 2400 د.ج أي ثلاث مرات أكثر، و ظّل هذا التصّور سائدا حتى نهاية القرن التاسع عشر و بداية القرن العشرين حيث طرح تصور مختلف للعدالة الجبائية يعتمد على تصاعدية نسبة الضريبة إضافة إلى تناسبها و الفضل يعود للنظرية الحدية و التي مفادها أن في حالة الدّخل الضعيف فإن الإقتطاع بتطبيق نسبة متناسبة يمثل تضحية أكبر من الإقتطاع بنفس النسبة من دخل مرتفع ) (. ( إقتطاع 800 دج من دخل يساوي 8000 دج و إقتطاع  2400 دج من دخل يساوي 24000 دج ).   لأن المنفعة الحدّية للإقتطاع الأول أكبر بكثير من المنفعة الحدية للإقتطاع الثاني، كما أن تطبيق تصاعدية الإقتطاع يمكن أن يكون حسب طريقتين مختلفتين : وهما التصّاعدية الإجمالية و التصاعدية بالشرائح.    
 التصاعدية الإجمالية  طريقة سهلة لكن لا تستعمل لأنها تؤدي إلى مظاهر اللاعدل، فالعنصر الجبائي الذي يتموضع دخله على هامش الشريحة أي في النهاية أو البداية يمكن أن يستفيد أو أن يعاقب و لذلك تستعمل التصاعدية بالشرائح  و هي طريقة معقّدة تستلزم العديد من العمليات الحسابية التي تتحدّد بحجم القواعد الجبائية المطبقة إضافة  إلى عدد الشرائح المحدّدة بمبلغ الإقتطاع، و منه يمكن القول أن 80% من العناصر الجبائية الذين يقدمون التصريحات بمداخيلهم لا يمكنهم القيام بالعمليات الحسابية التي تسمح لهم بمعرفة مبلغ الإقتطاع،  و بذلك فهم يتعرفون عليه بواسطة الإدارة الجبائية في حين فإنهم يحدّدون بأنفسهم مبالغ الإقتطاع بالنسبة للإقتطاعات الأخرى كالرّسم على القيمة المضافة و الضريبة على أرباح الشركات دون تدخل الإدارة نظرا لسهولة العمليات الحسابية.
و في هذا الصّدد نشير إلى الإنتقادات الحادة التي تعرّض لها مبدأ التصاعدية في الكثير من بلدان العالم خاصة من طرف المعارضة السياسية نظرا لصعوبة تحدّيد حدود تصاعدية النسب.
3-  تحصيل مبلغ الإقتطاع الجبائي.
بعد تحديد المادة الخاضعة و تقديرها ثم حساب مبلغ الإقتطاع الجبائي يستوجب الأمر تحصيله، و هناك عدة كيفيات ممكنة في هذا المجال حيث يمكن أن يكون الدّفع كليا أي مرة واحدة  أو بالتسبيق على شكل أقساط و هي حالة الضريبة على أرباح الشركات و الضريبة على الدّخل الإجمالي أو بالّدفع الشهري كحالة الرّسم على القيمة المضافة وقد يكون الدفع مباشرة بحيث يؤدي العنصر الجبائي بنفسه ما عليه من مستحقات و فيما يخص الضريبة على الدّخل الإجمالي فئة الأجور فإن الضريبة تحصّل عن طريق الإقتطاع من المصدر الذي يقوم به صاحب العمل و الذي يؤديه بدوره إلى الخزينة و نفس الكيفية تنطبق على إقتطاعات الضمان الإجتماعي وعوائد القيم المنقولة  وعلى أرباح الشركات الأجنبية .
في  الولايات   المتحدة  الأمريكية  يطبّق  نظام  التحصيل   المسمّى   P.A.Y.E (pay as you earn) و التي تعني الدّفع في كل مرة يتم الحصول فيها على مداخيل ففي كل مرّة يحصل فيها العنصر الجبائي الأمريكي على مداخيل، فإن جزءا منها يدفع مباشرة إلى الخزينة) (.
و بهذه الطريقة فإننا نقترب أكثر من نظام التحصيل المطبّق في الإقتطاع غير المباشر بحيث يعتبر أقل عبئا. أما التصريحات فإنها تستعمل في آخر السنة لإجراء التعديلات بعد مقارنة ما إقتطع و ما يجب دفعه فعلا وهذا ما يتطلب أيضا فعالية الآليات الإدارية .
و يلاحظ أن نظام الإقتطاع من المصدر المطبق على الرواتب و الأجور في الجزائر يأخذ مكانة هامة ضمن مجموع الإقتطاعات الجبائية العادية نظرا لسهولة تحديد المادة الخاضعة و تقدير الوعاء و صعوبتها بالنسبة للإقتطاعات الأخرى من جهة و عدم فعالية الجهاز الإداري وهذا ما يمسّ بمبدأ المساواة  أمام الضريبة المنصوص عليه في الدّستور الجزائري.      
المبحث الثاني: أهداف السياسة الجبائية.
إن الأهداف في السّياسة الجبائية يمكن أن تكون أهدافا أساسية أو أهدافا أدواتية objectifs fondamentaux et objectifs instrumentaux  و هذا حسب التقسيم الذي إقترحه الأستاذ جنسون) ( فالأهداف الأساسية تتعلق بهدف النمو الذي يترجم في الواقع عن طريق تحفيز الإدخار و الإستثمار و تتعلق كذلك بهدف الرّفاهية و الذي يترجم في الواقع عن   طريق توزيع للدّخل يوصف بالأمثل على مستوى الأفراد و على مستوى الجهات أو المناطق.
أما الأهداف الأدواتية فإنها تتعلق عادة بهدف التوازن الإقتصادي و المالي و الذي يأخذ في الواقع مظاهر إستقرار الأسعار، توازن الموازنة و توازن ميزان المدفوعات....الخ.
و بما أن السّياسة الجبائية تعتبر شأن من شؤون السّلطات العمومية، فإنه من المفروض أن تصّب كلّ التوجهات  في إطارها نحو عملية البحث عن المصلحة العامة و التي تعتبر مسألة شاقة، صعبة و ضرورية في ظل النظام الإقتصادي الحرّ حيث تسود حرّية المبادرة الفردية.
و مما يمكن ملاحظته أن الأنظمة الجبائية الحديثة تدرج ضمن مخطط عملها أهداف مالية، اقتصادية، و اجتماعية سواء كانت أساسية أو أدواتية لكن الإشكال يتعلق بمعرفة حصّة كلّ فئة من الأهداف و كيفية إيجاد التوازن فيما بينها ضمن السّياسة الجبائية، خاصة و أن هدف المردودية المالية، و هدف الفعالية الإقتصادية و كذا هدف العدالة الإجتماعية هي أهداف متناقضة و من الصّعب إيجاد التقارب بينها.
المطلب الأول : الأهداف في بعدها المالي :
حيث الهدف الأساسي يتمثل في التمويل الجبائي للنفقّات العمومية Le financement   fiscal des dépenses publiques سواء كان ذلك على مستوى الموازنة العامة أو على مستوى الجماعات المحلية حيث تعتمد هذه  الأخيرة على الضرائب المحلّية في تمويلها جزئيا، إضافة إلى الإعانات المتأتية من موازنة الدّولة و التي مصدرها هو الجباية الوطنية(*)
خاصية التحليل هاته أو هذا المسعى يتطّلب  من الضريبة أن تكون منتجة وذات مردودية وهذا يعني أن دفع الضريبة يجب أن يخصّ  أكبر عدد ممكن من  العناصر الجبائية و أن تمسّ  الضريبة المادة الخاضعة بأوسع صفة ممكنة، بحيث يتم حصر نطاق الإعفاءات و التحقيقات الجبائية أو ما يسمى إصطلاحا بالنّفقات الجبائية،  بالإضافة إلى وجوب إستقرار الإقتطاع الجبائي. بحيث لا تكون القواعد التي تحكم الضرائب موضوع تغير مستمر، كذلك وجوب وجود المرونة في الإقتطاع الجبائي بحيث يتم التصّرف في النسب أو المعدلات دون إحداث ردود فعل عدائية وبصيغة أخرى فإن خاصية المردودية لا تستلزم بالضرورة تطبيق نسب إقتطاع عالية لأن التجربة أثبتت إنه عند حدّ معين من إرتفاع النسب  فإنّ من شأن هذا الإجراء أن يؤدي إلى إنخفاض مردودية الضرائب و منه فإن ارتفاع نسب الإقتطاع الجبائي تقضي على مبالغ هذا الإقتطاع  .
في النّظام الجبائي الجزائري، يأخذ مظهر التمويل الجبائي مكانة متواضعة جدّا و هذا لإعتماد عملية التمويل بصفة عامة على مداخيل الرّيع البترولي، مما أدى إهمال معايير المردودية الجبائية المذكورة أعلاه و لعلّ أهم ما يميز هذا الواقع هو التوسع الهائل في حجم الإنفاق الجبائي (*)والحجم المعتبر للتغيرات المحدثة على قواعد الإقتطاع الجبائي وهذا ما يمكن معاينته من خلال قوانين المالية السنوية و قوانين المالية التكميلية، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن هناك ضرائب لها مردودية بنسبة مقارنة مع ضرائب أخرى، و هي غالبا حالة الضرائب غير المباشرة فمثلا الرّسم على القيمة المضافة و الحقوق غير المباشرة هي أكثر مردودية من ضريبة الدّخل الإجمالي والضريبة على أرباح الشركات و لمزيد من الإيضاح ندرج الجدول الموالي الذي يظهر هيكل الإيرادات النهائية العمومية المطبقة ضمن الموازنة العامة للدولة الجزائرية لسنة  2002.














الجدول 01 : هيكل الإيرادات للموازنة العامة للسنوات من 2002 إلى 2005

2005 2004 2003 2002 تعيين الإيرادات( المبلغ بملايين  الدينارات)
1- الموارد العادية :

        1-1 الإيرادات الجبائية
147460 124280 110150  99 550 -  ناتج الإقتطاعات  المباشرة
21030 20500 19000  18 500 -  ناتج التسجيل و الطابع  
279660 241960 227700 210 910 -  ناتج الضرائب المختلفة  
800 750 700      550 -  ناتج الحقوق غير المباشرة
147980 144810 118340 109 340 -  ناتج الحقوق الجمركية
596930 532300 495890 438850 المجموع 1        
       1-2 الإيرادات العادية
12000 9000 8500    8 000    -  ناتج و دخل الأملاك العمومية
26000 10500 10000  10 000 -  نواتج مختلفة              

38000 19500 18500 18000 المجموع 2
101900 114000 121000 45000       1-3 الإيرادات الأخرى

101900 114000 121000 48500 المجموع 3
736830 665800 615390 541 350 -  مجموع الإيرادات العادية              
899000 862200 836060 916 400      2 - الجبائية البترولية
1635830 1528000 1451450 1 457 750     المجموع العام للإيرادات        
 المصدر : قوانين المالية للسنوات 2002-2003-2004-2005.

من الجدول نستنتج أن الإيرادات الجبائية لسنة 2002 تمثل نسبة  30,10% من مجموع الإيرادات. في حين تمثل الجباية البترولية نسبة  62,68% من مجموع الإيرادات هذه من جهة و تمثل الإقتطاعات المباشرة نسبة 22,68% من مجموع الإيرادات الجبائية أما الإقتطاعات غير المباشرة (تسجيل وطوابع، ضرائب على الأعمال، حقوق غير مباشرة و حقوق جمركية) تمثل نسبة 77,32% من مجموع الإيرادات الجبائية.
كما أن المردودية الجبائية يمكن تقديرها أيضا من حيث سياسة الإنفاق العمومي المنتهجة وما يلاحظ في هذا السّياق هو تزايد حجم النّفقات العمومية نظرا لتكثّف دور الدّولة حول عاملين أساسيين من دالة الإنتاج وهما : رأس المال المادي ( الهياكل القاعدية) و رأس المال البشري (التعليم، الصّحة، الحماية...الخ ) و تجد هذه الظاهرة تبريرا لها ضمن عناصر النّظرية الإقتصادية التي تفسرها. فقانون فاقنر Loi de Wagner.المقترح سنة 1883(*)  يشرك حركة النّفقات العمومية مباشرة بالتّنمية الإقتصادية للبلد المعتبر، والمؤشر المرجعي هو دخل الفرد بحيث تزايده مع تزايد حركية النمو يؤدي إلى الإرتفاع المستمّر لحجم النفقات العمومية.
فإقتراح "فاقنر" يظهر متناسقا لأنه يشرك التدّخل العمومي بوظائف السّياسة المرافقة حسب درجة التنمية في البلد، فعملية البحث عن النمّو المستديم تستلزم إلتزامات إنفاقية عمومية قويّة و سياسة تحويلات سخية لمرافقة تطوّر المداخيل، مما ينتج عنه بالضرورة إرتفاع النفقات العمومية وهذا ما نجده في فترات الإختلال السّياسي (الحروب) و الإختلال الإقتصادي (الأزمات)، لكن قانون فاقنر لا يتحقق إلا على المدى الطويل لأن التنمية الإقتصادية لا يمكن تقييمها إلا على أساس مدّة زمنية طويلة مما يجعله قانونا قائما على التجربة و لا يكفي لاستنتاج قانون نهائي، لهذا السّبب ظهرت تفاسير أخرى كنظرية الطّلب العمومي المتزايد، التي تسمح بإستعمال القياس الإقتصادي في تحدّيد دور المتغيرات التي تؤثر مباشرة على الطّلب العمومي حيث تبين أن تأثير إرتفاع الدّخل الوطني على النّفقات العمومية ليس بالحجم الذي تصوره فاقنر حيث تمّ إختيار نموذج الطّلب على النّفقات العمومية لبعض دول المجموعة الإقتصادية الأوروبية للفترة ما بين سنة 1953 و سنة 1972( ) وأظهرت النتائج أن معدل المرونة بين الدّخل و النّفقة العمومية هو أقل من الواحد وعلى سبيل المثال: في فرنسا 0,489، إيطاليا 0,828 و في إنجلترا فهو 0,371 وهو ما لا يحقق قانون فاقنر، في حين كان معدل المرونة بألمانيا 1,275 وهو ما يطابق قانون فاقنر.
إن تزايد الدّخل يفسر جزءا من تزايد النّفقات العمومية بإستعمال القياس الإقتصادي و الذي لا يكفي للإحتفاظ بنتائجه فبعض المحللّين الإقتصاديين إتجهوا نحو مفهوم التمويل الجبائي لإستخراج بعض التفاسير المكمّلة، فطريقة تمويل النّفقات العمومية تحدد تزايدها. حيث أن تكلفتها ترتفع بغض النّظر عن طريقة توزيع العبء الجبائي، وحسب بومولBaumol فإن هذا الإرتفاع ينتج عن الإنتاجية الضئيلة للإقتصاد العمومي مقارنة مع الإقتصاد السّوقي( ).
حيث ينتج القطاع العمومي عرضا هائلا للعمل ويسترجع من ذلك جزءا ضئيلا من القيمة المضافة مقارنة بالقطاع السّوقي المختص في الإنتاج،  و بذلك فإن إزدياد تكلفة النّفقات تؤدي إزدياد العبء الجبائي ومنه فإن طرح بومول ينضم إلى قانون فاقنر.
فالعبء الجبائي الأقصى الذي يمكن أن تتحمله العناصر الجبائية يحدّد إرتفاع النفقات العمومية غير أن هناك حالات مثل الأزمات و الحروب يتم تجاوز هذه الحدود وهو ما يترجم أثر التحّولEffet de déplacement ( ).
أما الإرتفاع القوي للنّفقات العمومية فإنه يخضع لأثر التوقيف Effet de cliquet ثم إستعمال أثر التحّول، و هذا يعني الحفاظ على مستوى الإنفاق الإستثنائي أثناء الحروب و الأزمات و تحويله إلى أهداف أخرى، و على سبيل المثال، تحويل النّفقات العسكرية إلى نفقات تحويلية لتلبية الطّلب الجماعي.
وفي هذا الشأن يمكن إدراج الجدول الموالي الذي يوضح تطور الإيرادات والنّفقات العمومية في الجزائر من سنة 1993 إلى سنة 2004 بملايير الدينارات.
الجدول 02 : تطور الإيرادات و النفقات العمومية في الجزائر من سنة 1993 إلى سنة 2004
2004 2003 2002 2001 2000 1999 1998 1997 1996 1995 1994 1993 السنوات
1618,4 1517,6 1432,8 1505,5 1125,1 950,4 774,5 926,7 825,1 600,9 434,2 320,1 إيرادات الموازنة
756,2 681,5 489,9 549,2 288,9 390,3 396,0 361,9 329,2 264,8 212,0 135,1 الموارد العادية
862,2 836,1 942,9 965,3 836,2 560,1 378,5 564,8 495,9 396,1 222,1 185,0 الجباية البترولية
1775,3 1752,6 1550,6 1321,1 1178,1 961,6 875,7 845,2 724,6 589,3 462,0 390,5 نفقات الموازنة
156,9- 235,1- 117,8- 148,4 52,9- 11,18- 101,2- 66,3 75,6 28,4- - 65,4 - 100,6 الرصيد الإجمالي      للخزينة()
  المصدر: وزارة المالية -  المديرية العامة للمحاسبة.
ومما سبق فإن هدف تغطية النفقات العمومية يرتبط إرتباطا عضويا بمفهوم التوازن المالي و الذي من دعائمه توازن الموازنة، تأطير التضّخم و التخفيف من المديونية و هو ما يكّون الأهداف المالية الأدواتية للسّياسة الجبائية.
1- توازن الموازنة : L’Equilibre budgétaire
توازن الموازنة هو تحقيق المساواة بين حجم الإيرادات و حجم النفقات ضمن الموازنة العامة للدّولة أو موازنات الجماعات المحلّية أو موازنات الإدارات العمومية( )، و قد هيمن هذا المبدأ لمدّة طويلة على المالية العامة و إعتبر قاعدة ذهبية لها، فالتصوّر الكلاسيكي يعطي تعريفا دقيقا لهذا المفهوم، بحيث أن كل أعباء الدّولة يتم تغطيتها بواسطة الإيرادات الجبائية بغض النّظر عن قلّة المداخيل التي تفرزها الأملاك العمومية، وباعتبار الإقتراض و بأهمية أكبر الإصدار النّقدي وسائل مضرّة و إستثنائية لا تشكل عناصر عادية لتحقيق توازن الموازنة.
و في هذا المحتوى فإن المختصين في المالية العامة يلحون على ضرورة تمويل النفقات الجارية عن طريق الإيرادات الجبائية،  بحيث لا يتّم اللّجوء إلى طرق الخزينة إلا في حالات ظرفية أو إستثنائية تكون لها آثار إنتاجية على المدى الطويل.
و بذلك فإن عملية  تغطية النّفقات العمومية بوسائل أخرى دون الإقتطاع الجبائي تخرج عن مفهوم توازن الموازنة، و يمكن القول كذلك أن تمويل جزء من النّفقات الجارية عن طريق القرض أو الإصدار النّقدي تعتبر مظاهر لاتوازن الموازنة نتيجة ضعف المردود الجبائي، كما أن الّلاتوازن يمكن أن ينتج عن الفوائض الجبائية، عندما تأخذ هذه الأخيرة أهمية معتبرة تتجاوز خطأ التوقع البسيط، حيث البحث عن هذه الفوائض يشكل خطرا في حالة مبادرة الحكومة والبرلمان على توسيع نطاق الإنفاق العمومي إلى الحدود التي يصلها ناتج الإقتطاعات الجبائية( ). ومنه فإنه عند إعداد الموازنة يجب أن تكون تقديرات النّفقات عقلانية و رشيدة بحيث تتماشى مع ناتج الإقتطاع الجبائي الذي يتم تقديره كذلك. و عليه نستنتج أن الفوائض الجبائية تخرج كذلك عن نطاق توازن الموازنة و الذي يعتبر من أهم قواعد النظرية المالية.

لكن ما يمكن ملاحظته في الواقع  هو أنه في فترة الرّكود يكون من الصعب الحفاظ على إستقرار المردودية الجبائية نتيجة إنخفاظ المادة الخاضعة بفعل انكماش المداخيل و نقص المعاملات و بذلك فإن سنوات الرّكود الإقتصادي هي سنوات عجز الموازنة و عكس هذا فإن سنوات الرّخاء تكون مصدر فوائض جبائية معتبرة نتيجة إرتفاع المادة الخاضعة هذا من جهة. و من جهة أخرى فإن التوازن المحكم بين الإيرادات و النفقات يمكن أن يتأثر بظروف تنفيذ الموازنة مستقلة عن الظرف الإقتصادي حيث أن التوقعات تكون موضوع تغيير نتيجة الخطأ في إعدادها هو ما يدعى بالّلاتوازن المحاسبي.
فالنظرة المحاسبية لمفهوم توازن الموازنة تتمثل في كون كل الحسابات العمومية تجسّد توازنا بين الإستخدامات و الموارد، مما يتطلب حسن التسيير، حيث تقوم السّلطات العمومية بضمان تسييرها المالي و ذلك بإحترام القواعد المحاسبية، و في هذا الإتجاه فإن الإيرادات العادية هي بدون منازع الإيرادات الجبائية و التي بإنتظام تحصيلها تضمن تغطية النفقات الجارية و بذلك المساهمة في تحقيق التوازن المحاسبي.
و يأخذ الّلاتوازن نادرا شكل الفائضExcédent  وهو في أغلب الحالات عبارة عن عجز Déficit و يلتصق هذا الشكل أي العجز بمظهر اللاتوازن حيث جرت العادة على اعتبار لا توازن الموازنة بأنه عجز عند العامة نظرا لأنه يطرح مشاكل عديدة.
أ- مفهوم عجزالموازنة :
يجب تقدير عجز الموازنة من جانب النفقات و بصيغة أخرى فهو يتمثل في عدم كفاية الإيرادات الجبائية لتغطية حجم النفقات الذي تم تحديده سابقا، و بذلك فإن حجم النفقات هو الذي يحدّد مستوى الإقتطاع الجبائي الذي يجب الوصول إليه، لأنه من الناحية العملية تقوم السّلطات العمومية بتحديد حجم النفقات أولا ثم تبحث عن تغطية هذه النفقات عن طريق الموارد المتاحة. و من خلال الملاحظة تبيّن أن النفقات تتجة عادة نحو الإرتفاع، و بذلك فإن الناتج الجبائي يجب أن يتكيّف مع هذا الإرتفاع، و الذي يكون مستقّلا عن إرتفاع المردودية الجبائية.


و عليه فإن عجز الموازنة لا يعتبر زيادة في حجم النّفقات مقارنة بحجم الإيرادات و هذا نظرا لإستعمال مبدأ الأسبقية أي أن تحدّيد الإيرادات يأتي بعد تحديد النفقات و لكن العجز يعبّر عند عدم كفاية الإيرادات الجبائية في تغطية حجم النّفقات المقرّرة و يمكن أن ينتج نقص الإيرادات الجبائية عن عوامل مختلفة و لعّل أهمها :
الخطأ التقني المرتكب عند تقدير عناصر الموازنة المختلفة.
تدني المردودية الجبائية بسبب عوامل غير متوقعة كإنخفاض مردودية ضريبة على الإستهلاك نتيجة الندرة المفاجئة للمنتوجات الخاضعة لها.
عدم ضبط الإيرادات و النفقات عند إعداد الموازنة فمثلا الرّفع غير كافي لنسب الضرائب لتغطية نفقات جديدة و تقديم التخفيضات الجبائية  Dégrèvements fiscaux  المعتبرة و التي تؤدي إلى إنخفاض الإيرادات.
كذلك يمكن أن ينتج العجز عند عدم إنسجام حركية الإقتصاد العمومي بحركة الإقتصاد الخاص نتيجة فقدان الإرتباط بين تنامي الدّخل الوطني مع تنامي النّشاط الإقتصادي( ) بحيث أن إعداد التوقعات للموازنة يكون بناءا على نمط إرتفاع الدّخل و النّشاط للسنوات السابقة و قد يحدث أن يكون هناك نقص أو توقف أحد هذين المتغيرين و بذلك يظهر العجز و نفس الأمر يحدث في حالة إزدياد وتيرة النّفقات مقارنة بوتيرة الدّخل الوطني و على أساس هذا الطرح يمكن  إسنتتاج نوعين من العجز : العجز الظّرفي و العجز الهيكلي.                                            
ب- العجز الظرفي و العجز الهيكلي :
ينتج العجز الظرفي عن تقلص المادة الخاضعة نتيجة إنخفاض الدّخل الوطني بحيث أن إنخفاض المردودية الجبائية ينتج عن حالة الرّكود الظرفية و هو ما ميّز موازنات الدّول الكبرى أثناء السنوات التي تلت أزمة أكتوبر 1929 حيث بقيت توقعات إعداد الموازنة رهينة تطورات الوضع الإقتصادي.
ولإستبعاد هذا التأثير و الحفاظ على توازن الموازنة يمكن اعتماد التصوّر السكوني للنشاط الإقتصادي في مرحلة التوقع، غير أنه يجب القيام بالتصحيحات اللآزمة أثناء التنفيذ و التي تؤدي في الغالب إلى حالة العجز( ).
أما العجز الهيكلي فهو أكثر خطرا و يظهر عند عدم توفر إمكانية وصول مستوى الإيرادات إلى مستوى النّفقات وإستمرارها و في هذه الحالة يكون العجز مزمنا مترجما انعدام توازن العناصر المكونة للهيكل المالي، فإذا أقدمت الدّولة على الرّفع من نسب الإقتطاع الجبائي لإمتصاصه فإن المردودية الناتجة تكون أقل من تلك المنتظرة نظرا لإنفلات أو إنخفاض المادة الخاضعة بسبب الجباية المثقلة، أما إذا اتخذت إجراءات للتخفيف من العبء الجبائي كالعفو الجبائي فالنتيجة لا تكون مقنعة أيضا لإعتبارات سيكولوجية لدى العناصر الجبائية. وفي الحقيقة فإن العجز الهيكلي لا ينتج عن النقص المستمّر للناتج الجبائي بل يعكس ظواهر أكثر عمقا.
فالسّبب الأول يكمن في ردود فعل العناصر الجبائية أمام العبء الجبائي الثقيل و المتمثلة في الغشّ و التهرّب الجبائيين،  فهذه الظّاهرة ليست غريبة عن الواقع الجزائري الحالي.
أما السّبب الثاني و الأكثر عمقا من الأول فيتمثل في التزايد الإضافي لحجم الإنفاق العمومي مقارنة بتزايد المادة الخاضعة و هو ما يؤدي إلى إنقطاع العلاقات النسبية الموجودة بين الإيرادات الجبائية التي يتطلبها تزايد النّفقات و بين الدّخل الوطني في المدى الطويل وهذا ما يترجم أيضا فقدان توازن الهيكل المالي.
كما أنه لا يكفي تحديد العجز بل يجب معرفة كيفية إمتصاصه وإحتوائه، هذا إذا لم يكن مرغوبا فيه أي عدم صياغته في إطار سياسة مالية محدّدة وفق التوازن الإقتصادي الكلّي أو تجاوز الحدود المسموح بها، فالمقاييس المعمول بها حاليا تعتمد نسبة عجز أقل من 5% من مجموع النّفقات ضعيفة و.نسبة ما بين 5% و10% متوسطة و نسبة أكثر من 10% هامة( )
إضافة إلى أنه يمكن تقدير أهمية عجز الموازنة حسب الناتج الداخلي الخام وهو في حدود 3% مقارنة مع بعض البلدان المتطورة إقتصاديا كالولايات المتحدة، اليابان، إيطاليا،  وفي هذا السيّاق نشيّر إلى أن تحديد هذه المقاييس يتوقف على الوضع الإقتصادي الداخلي، إضافة إلى الوضع الإقتصادي الخارجي المترجم ضمن موازنات البلدان الأخرى.
ب - إحتواء عجز الموازنة :
يمكن إحتواء عجز الموازنة من خلال العناصر التالية:
إحتواء العجز الظرفي :
فيما يخص العجز الظرفي فإن إمتصاصه يكون نظريا بتخفيف النّفقات أو زيادة الإيرادات الجبائية غير أن عملية تخفيض حجم النّفقات تظهر عملية غير مؤسسة نظرا لارتباطها بتحقيق توازن الموازنة فقط ولاترتبط بالتوازن المالي ضمن التوازن الإقتصادي العام. فإذا لم يمكن موازنة النّفقات عن طريق الإيرادات الجبائية فإنه يمكن اللّجوء إلى القروض عوض البحث عن حرمان الإنفاق العمومي من حصّة هامة لأنه من الصّعب تحديد أولوياته من الناحية العملية، الشيء الذي يفترض تخطيط هيكله و النظر في أهميته لمجموع القطاع العمومي (الدّولة، الجماعات المحلّية، المؤسسات و الإدارات العمومية).
أما خيار زيادة الإيرادات فيتمثل في زيادة نسب الضرائب و بذلك زيادة الضّغط الجبائي المطبّق مما يؤدي إلى تناقص الدّخل الوطني في فترة الرّكود، نتيجة المضّايقة الإضافية للنشاط الإقتصادي و التي يمكن ملاحظتها من خلال الآثار المترتبة عن الإقتطاع الجبائي، فالإقتطاعات غير المباشرة على المبيعات، و الإستهلاك لها تأثير في ضغّط الطّلب الخاص و الذي يكون مستحسنا أو سيئا حسب الوضعية الظّرفية حيث يكون مستحسنا أثناء وضعية تضخمية ناتجة عن فائض الطّلب المليء، كما يكون سيئا في حالة تناقص الطّلب، مما يؤثر بدوره على الإدخار . ونفس التحليل ينطبق على الإقتطاعات المباشرة من الدّخل حيث من آثارها تخفيض الدّخل المتاح لأغراض الإستهلاك و الإدّخار.
إن زيادة الإقتطاع الجبائي تؤدي إلى وضعية انكماشية للكتلة النقدية، مما قد يؤدي إلى حالة الرّكود، لكن يمكن حدوث غير هذه الآثار في حالة وضع مبالغ الإقتطاع الجبائي للتداول عن طريق إنفاقها، و منه يمكن الإستنتاج أن السّبب الذي يؤدي إلى عجز الموازنة ينطبق أيضا على آثار زيادة حجم العبء الجبائي من حيث التأثير على مداخيل الأعوان الإقتصادية المكونة للدّخل الوطني. إنّ الزيادة في الإقتطاعات الجبائية يمكن أن تساهم في تحقيق توازن الموازنة عن طريق تغطية العجز إذا لم يؤخذ هذا الأخير أبعادا هامة من حيث حجمه و إذا كان النّشاط الإقتصادي في وضعية حسنة وإلا فإن مواصلة إعداد توازن الموازنة يكون على حساب التوازن الإقتصادي.

إحتواء العجز الهيكلي :
التعرّف على العجز الهيكلي يكون من خلال سلسلة طويلة من اللا توازنات الهامة بحيث أن الإجراءات المتخذة لا تسمح بإحتوائها، و تصل فيه النّفقات العمومية إلى أقصى حدودها مقارنة مع إمكانيات الدّخل الوطني( )، أي أن متطلبات تغطية النّفقات تفوق بكثير المقدرة التكلفة الوطنية.
فالدّولة تنفق كلما تقتطعه و المبالغ التي وفرّها الإقتطاع الجبائي تعود إلى الدّخل الوطني و قد يحدث و أن لا تتم هذه الدورة، أي أن المبالغ التي تمّ إنفاقها لا تساهم في تكوين الدّخل بحصّة تكافئ ما تمّ  إقتطاعه لتغطيتها. وتجد هذه الظاهرة تفسيرا لها في نقص إنتاجية النفقة العمومية بحيث لا تعيد بناء أو تشكيل المنافع المقتطعة سابقا.
وعليه فإن تزايد النّفقات يجب أن يكون بدلالة تزايد الدّخل الوطني و في الحالة العكسية أي زيادة النّفقات دون الأخذ بعين الإعتبار تزايد الدّخل الوطني فإن المجهود الجبائي الإضافي لتغطيتها سوف يؤدي إلى تكثيف حدّة العجز بحيث أن وعاء الإقتطاع ينكمش و المادة الخاضعة تبدأ في الإندثار، كذلك فإنه يجب الأخذ بعين الإعتبار كذلك هيكل النفقات أو التوزيع الداخلي لها، فالنّفقات الإنتاجية يجب أن تتزايد بسرعة و كل تأخر أو توقف لها، سوف يؤدي إلى تزايد النّفقات الإستهلاكية أو النّفقات الأقل إنتاجية مما يؤدي إلى ظهور العجز الهيكلي.
و للتخفيف من حدّة العجز الهيكلي توجد هناك وسيلتين، وتتمثل الوسيلة الأولى في كبح حركة تزايد النفقات، أما الوسيلة الثانية فتتمثل في تسريع حركة تزايد الدّخل الوطني و بذلك إعادة الإعتبار للتوازن الهيكلي و يرتكز هذا التصّور النظري على مقارنة الإنتاجية الحدّية للنّفقة العمومية من جهة و النّفقة الخاصة من جهة أخرى( ).
و تجدر الملاحظة أن الحلول المالية لا تكفي لوحدها لأن عبارة "عجز هيكلي" تعني تداخل مجموعة من العناصر ذات الطبيعة المختلفة أدّت إلى هذه الوضعية، لذلك يجب تجاوز إطار الموازنة و البحث عن حلول إضافية لأن إختلال التوازن الإقتصادي يمكن أن يكون أصل كل الإضطرابات الموجودة على مستوى الموازنة.

2 - تأطير الظاهرة التضخّمية :  
إن مفهوم التضّخم ليس بمفهوم واضح وبسيط وأسبابه معقّدة جدّا وترتبط بمجموع المتغيرات الإقتصادية سواء كانت كلّية أو جزئية، إلا أن مصدره الأساسي هو الإصدار النقديl'émission monétaire  الذي يؤدي إلى إختلال توازن السّوق النقدية بحيث أن عرض النقود يفوق الطّلب عليها، و تتميز الظاهرة التضخّمية بإرتفاع المستوى العام للأسعار نتيجة انخفاض قيمة النقود.
أ ـ الإصدار النقدي :
يجد الإصدار النقدي مصدرا له في نقص التمويل عن طريق الإقتطاع الجبائي و عن طريق القرض و بصيغة أخرى فإن الإصدار النقدي يظهر عند بلوغ الحدود القصوى للتمويل الجبائي و للتمويل بالقروض، و بذلك فإنه يأخذ خاصية إستثنائية يمكن أن تتحول إلى خاصية عادية و هذا حسب درجة مرونة الإقتصاد الوطني.
و الإصدار النقدي باعتباره ظاهرة مالية أكثر منه ظاهرة إقتصادية تنشأ كطريقة لتمويل النّفقات العمومية و ذلك وفق ثلاث كيفيات ممكنة :
يمكن للدّولة أن تطلب من مؤسسة الإصدار بإصدار أوراق نقدية في حدود  النفقات  المرّخصة.      
أو تلجأ إلى توظيف سندات الخزينة عند البنوك التي تقوم بدورها بخصم السندات لدى مؤسسة  الإصدار (البنك المركزي)، حيث تقوم هذه الأخيرة و عند الحاجة بإصدار الأوراق النقدية لتسديد  قيمة السندات( ).
أو تقوم بفتح الإعتمادات المالية لدى البنوك و تعبئتها عند الحاجة.
و كل هذه الكيفيات تؤدي إلى نفس النتيجة و هي إدخال كميّة إضافية من النقود في التداول في إطار عجز الموازنة أو في إطار النّفقات الإستعجالية.


ب ـ البعد التضخّمي للإصدارالنقدي :
يأخذ الإصدار النقدي بعدا تضخّميا في حالة عدم التحديد الدقيق للجرعة النقدية الّلازمة لحقن الإقتصاد العمومي و إستمرارها، مما يؤدي إلى إختلال توازن الأسعار كتأثير أولي، بحيث أن إزدياد حجم الكتلة النقدية يؤدي إلى تدني قيمة الوحدة النقدية. و بذلك إحداث حركة تصاعدية للمستوى العام للأسعار و يمكن تقدير هذا الأخير من خلال عدّة أشكال و لعّل أهمها :
رفع المنتجين لأسعار منتوجاتهم لحماية أنفسهم من خطر تدهور مداخيلهم مما يؤدي إلى إرتفاع أسعار عرض السّلع في السّوق و يدعى هذا الشكل بالتضّخم المسبّق.l’inflation par anticipation
إرتفاع تكاليف الإنتاج كزيادة الأجور و إرتفاع أسعار الفائدة و أسعار الصّرف( ).
إرتفاع الطلب بسبب تزايد الإستهلاك مقارنة بالإمكانيات الإنتاجية للإقتصاد الوطني.
و في هذا السّياق تجدر الملاحظة أن الظاهرة التضخمية لها تأثير سيئ في الإقتصاديات الحديثة، فبعض الكتّاب يميزون بين التضّخم المعتدل أو البسيط الذي يتعايش مع النمّو الإقتصادي بحيث له آثار محفزة، و التضخّم المرّضي أو الخطير الذي يفرز آثارا سيئة مما يستوجب محاربته.
  ج ـ آثار الإقتطاع الجبائي على الظاهرة التضخّمية :
إن التضخّم بجرعات قويّة يؤدي إلى إفساد كلّ القرارات المالية و الإقتصادية خاصة في حالة صلابة العرض الكلّي، لذلك يمكن اللّجّوء إلى أدوات  السّياسة الجبائية إلى جانب أدوات السياسة النقدية للتخفيف من حدّة الظاهرة التضّخمية و تأطيرها ضمن الحدود التي تسمح بها الوضعية الإقتصادية العامة و هذا من خلال الإجراءات الظّرفية للإقتطاع الجبائي التي تهدف إلى إمتصاص فائض الكتلة النّقدية حسب مخطط عمل مزدوج.
فالإقتطاع الجبائي المباشر يؤثر على المداخيل بحيث يعدّل الطّلب حسب إمكانيات العرض مما يستلزم تكييفه مع المقدرة التكليفية للعناصر الجبائية، حيث يجب التّفرقة بين المداخيل القارّة و المداخيل المتحرّكة.
أما الإقتطاع الجبائي غير المباشر و الذي يعتبر الأكثر مفعولا لأنه يختصّ بالتأثير على آثار الظاهرة التضخّمية حيث يعتبر إرتفاع المستوى العام للأسعار أهم أثر. فتكوين الأسعار ضمن الأسواق يخضع لظروف عديدة لا سيّما عملية إحتساب التكاليف و أسعار التكّلفة و الهوامش التي تتأثر بالتضّخم فيؤدي ذلك إلى إرتفاعها.
و للحفاظ على إستقرار المستوى العام للأسعار يمكن اللّجوء إلى رفع الضّغط الجبائي برّفع نسب الإقتطاعات غير المباشرة ظرفيا، حيث أن المعدّلات المتناسبة تأخذ بعين الإعتبار مختلف مراحل تكوين الأسعار، مما يؤدي إلى ضغّط الإستهلاك و بذلك تلاشي و زوال مظاهر الإكتناز و هذا ما يشبه إلى حدّ بعيد الإدخار الإجباري.
3- التخفيف من المديونية :
إن اللّجوء إلى القروض كوسيلة لتمويل الإقتصاد العمومي يكون بسبب عجز الموازنة  و عدم كفاية الإيرادات الجبائية و كذا بلوغ الإصدار النّقدي حدوده القصوى، و قد تكون هذه القروض داخلية أو خارجية كما يمكن أن تكون قصيرة المدى أو طويلة المدى. فهذه الخصائص تحدّد طبيعة الإختيارات المكيفة مع الوضعية المالية التي توجد فيها الدّولة، لأن الضرورة تحدّد الإختيار.
أ ـ القرض الداخلي و القرض الخارجي :
القرض الداخلي يمنح مباشرة الأموال الّلازمة لتغطية الإنفاق العمومي و بأقل الآثار السيئة لأن مصدره هو سوق رؤوس الأموال للبلد المقترض غير أن القرض الخارجي يستعمل في كلّ مرة تظهر فيها الحاجة إلى رؤوس أموال بالعملات الصّعبة ذات المصدر الأجنبي و التي يمكن أن تكون عمومية أو خاصة و موجودة بوفرة في أسواق رؤوس الأموال الخارجية.
غير أن القرض الخارجي يحتوي على مخاطر لا يجب إهمال أهميتها ذلك أن الديون المترتبة تكون بالعملة الصّعبة وتسديد خدماتها يكون بهذه العملة أيضا في زمن إستحقاقها مما يؤدي إلى نشأة عبء تحويلي قد يحدث حالة لا توازن في ميزان حسابات الخزينة و وضعية سيئة لاحتياطات الصرف، خاصة إذا تزامن هذا مع إنخفاض قيمة العملة الوطنية فإن عبء التسّديد سوف يزداد حدّة.
كذلك، فإن الإستدانة الخارجية غالبا ما تؤدي إلى المجازفة أو الإضرار بإستقلالية التسيير المالي و الإقتصادي من حيث الضمانات المطلوبة و ذلك بتخصيص موارد خاصة لخدمة و تسديد القروض كتجميد العوائد بالعملة الصّعبة، الإلتزام بالإمتيازات التجارية و حتى السّياسية.  كما لا يجب أن ننسى أن القروض الأجنبية المستعملة لتمويل الإنفاق الداخلي() تمنح موجودات مالية للخزينة مما يزيد في كتلة وسائل الدّفع و هذا بدون مقابل لها، و بذلك تكون أمام وضعية التمويل التضخّمي للنّفقات العمومية.
ب ـ القرض قصير المدى و القرض طويل المدى :
يتوقّف هذا الإختيار على حاجات الدّولة من جهة و على حالة سوق رؤوس الأموال من جهة أخرى. فمدّة القرض تحدّد إستعماله فإذا تعلق الأمر بإنجاز إستثمارات طويلة الأجل فإننا نقترض على أساس مدّة طويلة، أما إذا تعلق الأمر بحلّ مشكل السيولة على مستوى الخزينة فإن القرض قصير المدّة يفرض نفسه.
غير أن الإختيار يكون صعبا إذا أخذت عوامل تموين سوق رؤوس الأموال بعين الإعتبار، فالقرض طويل المدى لا يمكن إعتماده إلا إذا وجد هناك إدّخار متاح و كان هذا الإدّخار قابلا للخضوع تحت سّلطة الدّولة( ) أي وجود رغبة لدى المدخّرين لوضع مدخراتهم تحت تصرف السّلطات العمومية لمدة طويلة، فعامل الثقة لا يمكن أن يتوفر في جميع الحالات مما يؤدي إلى تراجع المدخّرين أو منح مدخّراتهم مقابل معدّل فائدة مرتفع جدّا في حين أنهم يقبلون على عرض القروض القصيرة والمتوسطة المدى لأن آجال التسّديد القصيرة تمنحهم إمكانيات إعادة الإستعمال الأكثر ربحا.
ج ـ دور السّياسة الجبائية :
يتمثل دور السّياسة الجبائية في الحدّ من اللّجوء إلى الإقتراض إضافة إلى تسيير حالة المديونية عن طريق الإقتطاع الجبائي، و في هذا الصّدد نشير إلى ضرورة توجيه القروض نحو النّفقات الإستثمارية فقط و من جملة الإجراءات التي يمكن إتخاذها ما يلي :
البحث عن مستوى آخر للحدود القصوى للإقتطاع الجبائي يمتدّ إلى تحصيل الديون الجبائية بالطرق الودية أو بالطرق الإجبارية و استعمالها في تسديد المستحقات الناتجة عن القروض .
إستغلال المدّة الزمنية الموالية للإصدار النقدي بتوسيع وعاء الإقتطاع الجبائي بهدف تحصيل الفوائض الجبائية و إستعمالها في تمويل النّفقات الإستثمارية كبديل لعملية الإقتراض.
جلب الإستثمارالأجنبي المباشر و إنتهاج أسلوب الشراكة معه وذلك عن طريق الإنفاق الجبائي و كمثال عن ذلك طريقة تقاسم الأرباحProfit Sharing . التي إعتمدتها منظمة الأوبيك، حيث تمتلك الشركة الأجنبية جزءا من الحقل البترولي الذي تستغله بأداء مجموع الضرائب و الرّسوم المترتبة عن ذلك( ).            
كما تجدر الملاحظة أن إعتماد أسلوب القرض كوسيلة للتمويل يجب أن يختصّ بتغطية النّفقات الإستثمارية فقط نظرا لوجود إمكانية الحصول على عوائد من جهة و إعتبار القرض إيراد مؤقت Une recette temporaire من جهة أخرى.
المطلب الثاني : الأهداف في بعدها الإقتصادي :
إن القوانين الإقتصادية قوانين موضوعية و صياغتها في شكل سياسة يستلزم تضامن مجموعة من المتغيرات الإقتصادية و الإجتماعية، و بإعتبار السّياسة الجبائية من جملة هذه المتغيرات فإن أخذها بالقوانين الإقتصادية يجب أن يتجه نحو تحقيق النمّو المتوازن.
فالإجراءات الجبائية المتخذة لها ردود فعل سريعة على مختلف الأعوان الإقتصادية حيث أن تغيير نسب الإقتطاع الجبائي تؤثر على سلوك العائلات و بذلك على الإستهلاك و تؤثر على سلوك المدخّرين و بذلك على مستوى الإدّخار، و كذلك تؤثر على قرارات الإستثمار و من خلالها على مستوى الإستثمار، لهذا أمكن إعتبار التقنية الجبائية تقنية حرّة أكثر منه تقنية تدخلية( )، بحيث أن الإقتطاع الجبائي يعطي حرية إختيار أكبر من تلك التي تمنحها وسائل التدخل الأخرى كالإجراءات التنظيمية (تجميد الأسعار) و إجراءات المنع (تقييد المعاملات)، لأنه يستعمل كوسيلة تحفيزية لاتتطب الكثير من طرق المراقبة، فالعون الإقتصادي يبقي حّرا على الإقبال أم لا على التوجّه المقترح عليه، فإذا أقبل على التوجّه المطابق للمصلحة العامة أو المصلحة الإقتصادية فإنه يستفيد من الإمتيازات الجبائية و لكنه يبقى دائما حرّا في اتخاذ قراراته.
إن إستعمال أدوات السّياسة الجبائية إقتصاديا يمكن أن يكون في إطار سياسة كلّية أو في إطارسياسة قطاعية كما أن التأثير الكلّي يمكن أن يكون على المدى القصير أو على المدى المتوسط.
ففي إطار السّياسة الكلّية الظرفية (المدى القصير) فإن إرتفاع أو انخفاض نسب الإقتطاعات المباشرة تؤثر على مستوى الإستهلاك و على مستوى الإدّخار، وعلى مستوى الإستثمار و تغيير معدلات الإقتطاعات غير المباشرة يؤثر على مستوى الأسعار( ).
أما في إطار السّياسة الكلّية على المدى المتوسط فإن تأثير الإقتطاع الجبائي يكون عن طريق العقود الجبائية بين العناصرالجبائية و السّلطات العمومية، حيث تعترف هذه الأخيرة ببعض الإمتيازات الجبائية (إجراءات العفو المؤقت) للعناصر الجبائية مقابل توجه هذه الأخيرة نحو الإستثمارات المطابقة لاختيارات السّياسة الإقتصادية المتّبعة. في الجزائر فإن الإقتطاع الجبائي إستعمل في إطار السّياسة القطاعية بهدف تحقيق بعض الأهداف الإقتصادية و ذلك لتشجيع التشغيل، و تنمية القدرات الإنتاجية و التنافسية للقطاعات الإقتصادية الوطنية، بحيث أن العديد من الإجراءات الجبائية إتخذت فيما يخص نظام الإعفاءات و جباية النتائج المحاسبية.
كذلك فإن تأثير الجباية على ترقية الإستثمار يأخذ مكان الصدارة عند المسؤولين السّياسيين لأنه غالبا ما يلجأون إليه لبعث النّشاط الإقتصادي و محاربة البطالة. لكن الإشكال المطروح حاليا يتمثل في معرفة الإجراء الجبائي اللازم، و بصيغة أخرى الإختيار بين تخفيض الضرائب على الأرباح أو إستعمال الأنظمة الخاصة لصالح المؤسسات المستثمرة.
إن الأهداف الإقتصادية للسّياسة الجبائية أثارت الكثيرمن الجدل، لا سيّما فيما يتعلق بفعالية الإمتيازات الجبائية المقدّمة، فالبعض يشك في مصداقية هذه الإجراءات خاصة تلك المتخذة في السنوات من 1988 إلى 2000، و التي لم تبلغ أهدافها، إضافة إلى أنها سبّبت خسارة هامة في الإيرادات. وعلى هذا الأساس يمكن تناول هذه الأهداف من حيث الظّرف الإقتصادي و من حيث الهياكل الإقتصادية.
1- الأهداف من حيث الظّرف الإقتصادي :
نقصد بالظّرف الإقتصادي مجموع الظواهر و المتغيرات المكوّنة للوضع الإقتصادي في المدى القصير و في سياق تعامل السّياسة الجبائية مع هذه الظواهر، و المتغيرات يمكن التمييز بين نوعين منها وذلك حسب الإطار العام للسّياسة الإقتصادية فهناك سياسة التوسّع و سياسة الإستقرار.
أ- سياسة التوسع : Politique d'expansion
يستعمل مصطلح " التوسّع "كمرادف لمصطلع الإنعاش و هو يدّل عن حالة النمّو و زيادة الإنتاج التي يمكن تقييمها من حيث تطور المعطيات الإقتصادية الكليّة و لعلّ أهمها هو الناتج الداخلي الخام، فهذا الأخير يتأثر بالطّلب الكلّي الذي يتأثر بدوره بالإقتطاع الجبائي، مما يحدّد مستوى الإستهلاك و الإدّخار.
فحسب "ج . م كينز" فإن زيادة النفقات العمومية في شكل إستهلاك أو استثمارات عمومية و تقديم تحويلات جديدة أو تخفيض الضرائب يساهم في تقريب الإقتصاد الوطني من حالة التشغيل الكامل ( )، فتصبح موازنة الدولة بذلك أداة فعّالة للسّياسة الإقتصادية بحيث تسمح بنمو الطّلب الكلّي.
إن بعث النشاط الإقتصادي عن طريق الطلب له آثار إيجابية على مجموع الإقتصاد و توصف هذه الآثار بالمضاعفات، حيث يمكن أن يكون تأثير الإقتطاع الجبائي عليها تأثيرا خلفيا أو تأثيرا أماميا، و يمكن التطرق لهذه المضاعفات كما يلي :
مضاعف النفقات العمومية :
وهو يعبر عن الزيادة في المداخيل و الإنتاج (▲Y) الناتجة عن إرتفاع مبالغ النفقات العمومية (▲G) بحيث أن تغطية هذه النفقات يكون عن طريق الموارد الجبائية، و هذا المضاعف يساوي▲ Y =K.▲Y ( )
إن إرتفاع النفقات العمومية يؤدي إلى ارتفاع الإنتاج (الناتج الداخلي الخّام)، مما يسّبب ارتفاع المداخيل الموزعة. و جزء من هذه المداخيل يتحول إلى استهلاك، و هذا الأخير يحفز بدوره الإنتاج، وهكذا فإن آلية المضاعفة تبدأ في العمل و على سبيل المثال فإن 40 مليار دينار من النفقات العمومية المموّلة جبائيا تولد 200 مليار. كمداخيل إضافية حيث : الميل الحدّي    للإستهلاك (▲Y /▲G) يساوي 0.80 و المضاعفK يساوي
ومنه   فإن   40 × 5 = 200 .
مضاعف التحويلات العمومية :
و هو يعبر عن الزيادة في المداخيل و الإنتاج (▲Y) الناتجة عن ارتفاع مبلغ التحويلات الموزعة َ(▲F) بحيث أن تمويل هذه التحويلات يكون عن طريق الموارد الجبائية (أو شبه جبائية) و هذا المضاعف  يساوي ( )▲Y = K.C.▲F ، بحيث نلاحظ أن مضاعف التحويلات أقل من مضاعف النّفقات العمومية حتى و إن كان▲F=▲G .
لأن.▲G < C.▲F (.0<C<1)، فبعكس النّفقات العمومية فإن التحويلات لا تؤثر مباشرة على مستوى الإنتاج، فهي تمثل إرتفاعا في الدّخل الموزع حيث يستهلك جزءا ()، و يدخّر الجزء الآخر، و الجزء المستهلك هو الذي يؤثر مباشرة على الإنتاج.
بالنسبة للمثال السابق نفترض أن 40 مليار دينار نفقات عمومية إضافية توّلد مباشرة 40 مليار من النّاتج الدّاخلي الخّام غير أن 40 مليار تحويلات إضافية و التي هي في الأصل 40 مليار مداخيل إضافية منها 32 مليار فقط توجّه للاستهلاك (0C= 0,8)، فالأثر المضاعف ينطلق ابتداءا من مستوى 32 مليار.
المضاعف الجبائي :
و هو يعبر عن الزيادة في المداخيل و الإنتاج (▲G) الناتجة عن تخفيض العبء الجبائي و ذلك بتخفيض نسب الإقتطاعات المباشرة و غير المباشرة (▲T) مما يؤدي إلى إرتفاع الطّلب و منه الإستهلاك و هذا المضاعف يساوي ( )▲G = K.-C. ▲T  و بذلك فإن له نفس القيمة المطلقة لمضاعف التحويلات و لكن بإشارة معكوسة نظرا لأن الأثر الأولي لزيادة الإقتطاعات الجبائية يتمثل في انخفاض المداخيل و الإنتاج يساوي القيمة : C. ▲T
إن تخفيض حجم الإقتطاع الجبائي يؤدي إلى زيادة المداخيل المتاحة و الإنتاج بحيث أن له أثر توسعي على الناتج الداخلي الخام أقل من حالة الزيادة في النّفقات العمومية و مكافئ لحالة الزيادة في التحويلات العمومية.
فالتخفيض الجبائي بقيمة 40 مليار دينار تولد 40 مليار مداخيل إضافية، حيث 32 مليار تستهلك و من هذا المستوى للطّلب ينطلق الأثر المضاعف.
مضاعف الإستثمار :
إن قرار الإستثمار يتوقف على الخاصّية الجبائية في إطار تهيئة المناخ الإسثماري و قد تكون محدّدا له في أغلب الحالات و يعبّر مضاعف الإستثمار عن الزيادة في المداخيل و الإنتاج (▲Y) الناتجة عن زيادة حجم الإستثمار (▲I) بسبب إستعمال المحفزات الجبائية أو النّفقات الجبائية و هذا المضاعف يساوي ( )▲Y = K. ▲I   بزيادة الإستثمارات فإن المستثمرين يساهمون في نمو الإنتاج و إرتفاع الدّخل الوطني، و هذا الإرتفاع في الدّخل يؤدي إلى إرتفاع إستهلاك و إدّخار العائلات. و إرتفاع الإستهلاك يؤدي بدوره إلى نمو الإنتاج و الدّخل، بحيث أن هذا النمو يؤدي إلى وجود مستويات إستهلاك أخرى و هكذا.
و بالنسبة للمثال السابق فإن إستثمار 40 مليار دينار إضافية نتيجة تقديم التحفيزات الجبائية تؤدي إلى الحصول على 200 مليار دينار كمداخيل إضافية مع إعتبار نفس قيمة الميل الحدّي للاستهلاك C = 0.80.
مما سبق نستنتج أن إرتفاع الإستثمار له أثر توسعي على الناتج الداخلي الخام يكافيء الأثر التوسعي للنّفقات العمومية لكنهما يختلفان من حيث التأثير الجبائي، فإرتفاع الإستثمار يكون نتيجة التوسّع في الإنفاق الجبائي، أما إرتفاع النّفقات العمومية فيكون نتيجة التوسّع في التمويل الجبائي لها.

مضاعف الموازنة المتوازنة :
و هو يعبر عن الزيادة في المداخيل و الإنتاج (▲Y) الناتجة عن الزيادة المتساوية و المتزامنة للنّفقات العمومية و الإقتطاعات الجبائية (▲G = ▲T) فالأثر المضاعف الموجب الناتج عن إرتفاع النّفقات العمومية يجب تعديله بالأثر المضاعف السّالب الناتج عن إرتفاع العبء الجبائي( ).
و الأثر المضاعف الإجمالي يساوي مجموع الآثار المترتبة عن تغييرات G.و Tعلى النّشاط الإقتصادي.                                                                                       ▲T  = (K. ▲G) + (K.- C. ▲T)                    
و بإفتراض أن ََ▲T =▲G.لدينا.
▲Y  = 1 / (1-C) ▲G + C/ (1-C) ▲G
▲Y  = (1-C) / (1-C) ▲G
▲Y  = ▲G
حيث تغيّر الدّخل الوطني يساوي التغيّر في الإنفاق العمومي وبذلك فإن مضاعف الموازنة المتوازنة يساوي 1 ، و هو محتوى نظرية هافلموHaavelmo:" الموازنة ليست حيادية حتى و إن تمت عملية تمويل النّفقات العمومية كلّية بالضرائب، فإنها تولد أثرا محفّزا على النّشاط الإقتصادي".( )
ب - سياسة الإستقرار :
تهدف سياسة الإستقرار إلى تعديل تطور المتغيرات الإقتصادية  الكلّية بطريقة تسمح بتفادي أو الحدّ من اللاتوازنات الأساسية التي تصيب الإقتصاد الوطني، و في هذا السّياق يمكن الإحتفاظ بأربعة أهداف و التي تمثل المربع السّحري لنكولا كالدورN. Kaldor من مدرسة كمبردج و هي : النمّو المتوازن، التشغّيل الكامل ، إستقرار الأسعار و التوازن الخارجي (ميزان المدفوعات).( )

النمو المتوازن :
يعبّر عن النّمو بنسبة مئوية عن التزايد السنوي للناّتج الدّاخلي الخّام (Y /▲Y.) و الذي من المفروض أن يساهم في تحسين الوضع الإقتصادي و الإجتماعي للمجتمع و ذلك بتنمية التشغّيل، الدّخل الوطني وكذا الدخل بالنسبة لكل فرد( إذا كان إرتفاع عدد السّكان أقل من إرتفاع الناتج الدّاخلي الخام).              
إن نمّو النّشاط الداخلي يؤدي إلى ضغط إرتفاع الأسعار (التضخم ) و إلى تحفيز الواردات (خطر عجز الميزان التجاري ) و هذا الهدف يتوافق مع هدف التشغيل الكامل. إلا أنه يتعارض مع هدف إستقرار الأسعار و هدف التوازن الخارجي و بذلك حالة لا توازن النمو .
و لتعديل مسار النمو و الحفاظ على توازنه فإن دور الإقتطاع الجبائي يتمثل أساسا في كبح إرتفاع الّطلب الكلّي حيث يتم اللّجوء إلى رفع نسب الإقتطاعات غير المباشرة على الإستهلاك و رفع نسب الإقتطاعات المباشرة على المدّاخيل (أفراد و شركات ) للحدّ من نمو طلب الإستثمار، إضافة إلى تشجيع الإدّخار عن طريق التحفيزات الجبائية بإعتباره أحد عناصر العرض الكلّي .
و فيما يخص الإدّخار فإن التحليل الذي قام به" كالدور" يقضي بأن النمّو الإقتصادي يكون متوازنا  و مستقرا في حالة تغيّر الميل الحدّي للإدخار (s) بدلالة توزيع الدّخل الوطني بحيث يجب الإهتمام بالسّلوك الإدّخاري لنوعين من الأعوان: العمال الذين يتقاضون الأجور (.W)، و أصحاب رؤوس الأموال الذين يحصلون على الأرباح( (Pمما يشكّل عوائد عوامل الإنتاج التي يعتدّ بها لحساب الدّخل الوطني.
فميل العمال للإدّخار أقلّ من ميل الإدّخار لدى أصحاب رؤوس الأموال.حيث Sp> Sw  و الإدّخار الكلّي للبلد (S) يساوي إدخار العمال (Sw = sw.W.) مضافا إليه  إدخار أصحاب  رؤوس الأموال ((Sp=sp.P و منه فإن :
(1)S=Sw+Sp =Sw.W+Sp.P                          
وعلى المستوى الإقتصادي الكلي فإن الدّخل الوطني (Y) يوزع بين الأجور (W) و بين الأرباح (P) أي أن Y=W+P ومنه فإن : (2) W=Y-Pوبالتوفيق بين المعادلتين (1) و (2) لدينا:
S=Sw+Sp=Sw. (Y-P) + Sp-P
S=Sw.Y – Sw.P + Sp.P
(3) S= Sw. Y + (Sp-Sw) .P
  و بقسمة المعادلة (3) على Y نحصل على عبارة، الميل الحدّي الإجمالي للإدّخار(نسبة الإدخار) و هي :/Y P.               (4) S/Y=Sw+(Sp-Sw)
مما سبق نستنتج أن نسبة الإدخار للبلد (s=S/Y) هي دالة متزايدة بالنسبة لحصّة الأرباح في الدّخل الوطني (P/Y)  لأن  Sw موجب و  Sp-Swموجب كذلك بالإفتراض                                                        
إن ميل الإدّخار الإجمالي هو متغير يرتبط بتوزيع الدّخل الوطني بين أجور و أرباح من جهة( )، و يرتبط كذلك بمتغيرات التقنية الجبائية التي ترافق الدّخل من لحظة ميلاده حتى إدّخاره، مما يحدّد مستوى الإدّخار(نظام الإعفاءات و التخفيضات لمخططات الإدّخار).
و بالنسبة للتحليل أعلاه فإن التوزيع أي توزيع الدّخل يأخذ بعين الإعتبار نسبة الأرباح أكبر من نسبة الأجور (P/Y > W/Y) حيث يمكن إعتماد سياسة جبائية إتجاه الأرباح أكثر توسعا من تلك المعتمدة إتجاه الأجور، لأنه كلمّا إرتفعت النسبةP/Y فإن نسبة الإدّخار (S) ترتفع لأن تغير هذه الأخيرة يضمن إستقرار المساواة المقترحة في نموذج" هارود " R.F. Harrod.بين معدّل النمّو الفعلي،  معدّل النمّو الطبيعي و معدّل النمّو الضروري و هذا في المدى القصير( ).
التشغيل الكامل :
التشغيل الكامل في معناه الواسع يتمثل في الإستعمال الأمثل لعوامل الإنتاج و هي العمل و رأس المال و بصيغة أخرى الإستعمال الذي يسمح بالحصول على أكبر إنتاجية ممكنة مما يستلزم اخضاع عوامل و وسائل الإنتاج هاته( )، الأمر الذي يتجسد من خلال التجربة اليابانية حيث من خلال إخضاع القطاع الزراعي بصفة مكثفة نجح في زيادة الإنتاجية الزراعية و في تمويل النمّو الإقتصادي، لأن المزارعين اليابانيين استعملوا عوامل الإنتاج الزراعي بصفة مثلى لمواجهة النسب المرتفعة للإقتطاعات الجبائية، و نفس الشيء ينطبق على إستعمال عوامل الإنتاج الصناعي بألمانيا.
كما نشير إلا أنه لا يمكن تعميم هاتين التجربتين نظرا لإعتبارات سيكولوجية و تاريخية تخص العناصر الجبائية في البلدين.
أما التشغيل الكامل في معناه الضيق، فإنه يتمثل في التشغيل الكامل لليد العاملة و يعتبر هذا المعنى أكثر إستعمالا و يتمثل في تخفيض البطالة إلى البطالة الإرادية الّلازمة  للسّير الحسن لسّوق العمل و نجد هذه الوضعية ضمن سياسة الإنعاش( إرتفاع الطّلب الكلّي )، و التي تؤدي إلى التضخّم أما الوضعية العكسية فهي كبح النّشاط و الطّلب مما يسمح بالحدّ من التضخّم و إرتفاع البطالة حيث تستعمل سياسة جبائية توسعية في الوضعية الأولى و سياسة جبائية إنكماشية في الوضعية العكسية و بذلك نجد أنفسنا أمام إشكال محّرج و هو الإختيار بين البطالة أو التضخّم.
هذا الإشكال مثله بيانيا فيليبس Phillips و هو إقتصادي قام بدراسة العلاقة بين التضّخم و البطالة في بريطانيا سنة  1958
الشكل 01 : منحنى فيليبس







المصدر: C.D ECHAUDEMAISON :. OP. Cit-P.372
 A B: يمكن تخفيض نسبة البطالة و رفع نسبة التضخّم.
A C: يمكن التخفيف من التضخّم بالتعايش مع بطالة خانقة.
حيث يجب الإختيار بين هدف التشغيل الكامل أو هدف إستقرار الأسعار كما تجدر الملاحظة أن منحنى فيليبس لا يتحقّق في المدى الطويل.

إستقرار الأسعار:
يقاس التضّخم بنسبة مئوية للتغيّر في مؤشر المستوى العام للأسعار و هو عادة مؤشر أسعار الإستهلاك، و الإرتفاع الطفيف للأسعارإمناص منه في إطار  إقتصاد متنامي، أين تعمل بصفة دائمة ضغوط الطّلب على السّلع و الخدمات و يتمثل هدف إستقرار الأسعار ليس في الحصول على نسبة تضّخم معدومة و لكن ضعيفة نسبيا(من 1% إلى 3%)( ) بحيث لا يكون لها تأثير قوي على المتغيرات الإقتصادية الأخرى و لهذا الغرض يمكن تعبئة التقنية الجبائية خاصة الإقتطاعات الجبائية غير المباشرة نظرا لإرتباطها المباشر بأسعار الإستهلاك.
التوازن الخارجي :
و تقصد به توازن ميزان المدفوعات و هو وثيقة محاسبية تقيد فيها جميع العمليات المتعلقة بالمعاملات مع العالم الخارجي و تنقسم إلى ثلاثة أقسام أساسية و هي : المدفوعات الجارية، حركة رؤوس الأموال غير النّقدية، و تغير إحتياطات الصّرف للقطاع المصرفي و القطاع الرّسمي (الخزينة العمومية و البنك المركزي)( ) .
- ميزان المدفوعات الجارية :
و تقيد فيه جميع المعاملات التبادلية للسّلع و الخدمات و المداخيل مع العالم الخارجي و هو يحتوي على الميزان التجاري الذي يحتوي على مبادلات السّلع فقط.
- ميزان حركة رؤوس الأموال : (ميزان المعاملات الجارية )
ويحتوي على حركة رؤوس الأموال على المدى الطويل و حركة رؤوس الأموال على المدى القصير للقطاع الخاص غير المصرفي و تتمثل رؤوس الأموال هاته في القروض، التوظيفات، الإستثمارات المباشرة التي قامت بها أعوان إقتصادية وطنية في الخارج أو أعوان إقتصادية غير موطنة ( أجنبية ) داخل الوطن.


- تغّير احتياطات الصّرف :
إن ميزان إجمالي المدفوعات يتمثل في المجموع الجبري للميزانين السابقين فإذا نتج فائض ( حصول الأعوان غير المصرفية الموطنة على مدفوعات خارجية أكثر مما يدفعون للخارج ) فهذا معناه وجود مدخول صافي من العملات الصّعبة الأجنبية التي تزيد في حجم حسابات العملة الصّعبة للأعوان الموطّنة أو تحّول إلى العملة الوطنية من طرف البنوك، الخزينة العمومية أو البنك المركزي و بطريقة أو بأخرى فإن هذا الفائض يتجه نحو حسابات القطاع الرّسمي. أما عجز ميزان المدفوعات فمعناه وجود مخروج صافي للعملات الصّعبة و بذلك تناقص إحتياطات الصّرف.
و بناءا على ما سبق يمكن إستنتاج نوعين من قيود التوازن الخارجية وهى القيود الخارجية على المدى الطويل و القيود الخارجية على المدى القصير.
- قيود التوازن على المدى الطويل :
و التي تظهر في حالة عجز ميزان المدفوعات حيث يمكن اللّجوء إلى المعاملات الجارية في المدى القصير و المتوسط كالقروض الخارجية و هذا لتغطية العجز، لكن هذا الإجراء يؤدي إلى تسدّيد رؤوس الأموال و الفوائد الناتجة عنها مما يساهم في إرتفاع العبء السنوي للتسدّيد و بذلك ظهور العجز من جديد خاصة عند عدم مقدرة الإقتصاد المحلّي على خلق عوائد من هذه القروض.
في هذه الحالة يتمثل هدف السّياسة الجبائية في جلب الإستثمار الأجنبي المباشر، حيث تساهم رؤوس أمواله في تغطية العجز و ذلك من خلال تبني التقنية الجبائية التحفيزية، كما يمكن أيضا تأمين تحويل رؤوس الأموال للجالية الوطنية بالخارج بنفس الطريقة.
- قيود التوازن على المدى القصير:
العجز في المدى القصير يتجسّد من خلال عجز الميزان التجاري (الواردات أكبر من الصادرات ) نتيجة إرتفاع الطلب المحلّي على السّلع الأجنبية أو من خلال العجز الهام لميزان المعاملات الجارية الذي يؤدي إلى إنخفاض سّعر الصّرف و وجود مظاهر المضاربة على حساب العملة الوطنية .
ففي هذه الحالة يتمثل دور السّياسة الجبائية في رفع العبء الجبائي غير المباشرعلى السّلع المباشرة مما يؤدي إلى تخفيض حجم الواردات، أمّا فيما يخصّ تكثّف مظاهر المضاربة بالعملة الوطنية فإنه يمكن التأثير جبائيا على الكتلة النقدية السائلة بواسطة الإقتطاع الجبائي من مداخيل الأفراد و إستهلاكهم إلاّ أنّ هذا المشكل يدخل في نطاق السّياسة النقدية .
ج- الصّعوبات العملية للسّياسة الجبائية الظّرفية:
إن إستعمال الإقتطاع الجبائي كوسيلة لتعدّيل الظّرف الإقتصادي من طرف الحكومة يمكن  أن تعترضه مجموعة من الصعوبات و التي يمكن أن تكون تقنية أو إجرائية.
الصّعوبات التقنية :
فيما يتعلق بالضريبة على الدّخل أو الضريبة على الشركات، يمكن تعديل تاريخ الدّفع أو مبلغ الدّفع كما أن الإقتطاع الإضافي من مداخيل الأشخاص الطبيعية هو أكثر فعالية من التخفيض  حيث أن للعملية الأولى تأثير سريع على مستوى الطّلب في حين تسمح العملية الثانية بتكوين إدّخار احتياطي عوض تحفيز الطّلب .
كذلك فإن جباية المؤسسات تفتقد في أغلب الأحيان إلى صفة الإنتقائية فنجد بعض الإجراءات الجبائية مثلا تساعد المؤسسات القوية، كما أن الدّولة ليست متأكدة من تحقيق الإستثمارات المحفزة بواسطة الإمتيازات و التخفيضات الجبائية، و تعديلات الرّسم على القيمة المضافة لا توفر أي ضمان، لأن رفع النّسب لتأطير الظّرف غير ممكن نظرا للمستوى الحالي لهذه النّسب، في حين يمكن تصّور إمكانية تخفيضها لكن بفعالية أقل، لأنها تؤدي إلى زيادة المداخيل المتاحة و الإستهلاك مما قد يزيد في تأزم الظّرف الإقتصادي.
الصّعوبات الإجرائية :
إن ضرورة تدّخل السّلطة التشريعية لترخيص التعديلات الجبائية قد يؤدي إلى تأخر دخول الإجراءات الجبائية حيّز التطبيق، و نظرا لإرتباط الظّرف الإقتصادي بعامل الزّمن يمكن تصّور أهمية تطور المظاهر الإقتصادية الظّرفية غير المرغوب فيها.
في ألمانيا مثلا فإن الحكومة تلجأ و بصفة دائمة إلى رفع أو تخفيض نسبة الضريبة على الدخل بمعدّل 10 % كأقصى حدّ و ذلك عن طريق مرسوم تنفيذي و لمدّة لا تفوق سنة، كذلك هناك توصية أو توجيه للإتحاد الأوروبي يقضي بأنه يمكن لكلّ دّولة عضوالقيام بتعدّيل دفع مبلغ الضرائب عند الحاجة و لمدّة محدودة لا تتجاوز 90 يوما.( )
2- الأهداف من حيث الهياكل الإقتصادية :
تتجسد الهياكل الإقتصادية من خلال المؤسسة و من خلال قطاعات النّشاط وبذلك يمكن صياغة أهداف السّياسية الجبائية على مستوى المؤسسة الإقتصادية، و على مستوى قطاعات النّشاط الإقتصادي.
أ - على مستوى المؤسسة الإقتصادية :
المؤسسة الإقتصادية بإعتبارها تنظيم إقتصادي لعوامل الإنتاج حيث تجري العملية الإنتاجية تتأثر كل التأثر بالإقتطاع الجبائي حيث أن هذا الأخير يمكن أن يحبذ نموها أو يعيقه بالإخضاع المزدوج أو الإخضاع الوحيد للمداخيل و الأرباح التي تستخرجها الشركات من فروعها.
كذلك فإن الإقتطاع الجبائي يحدّد بعد أو تركيز المؤسسة و ذلك من خلال تقديم أو عدم تقديم التحفيزات الجبائية للمؤسسات كما يحدّد طبيعتها عن طريق انتهاج أسلوب الحماية إتجاه المؤسسات الخاصة أو التعاونيات أو الشركات إضافة إلى تحديد جنسيتها عن طريق التمييز أو عدمه بين المؤسسات المحلّية و غيرها وأخيرا يحدّد الإقتطاع الجبائي مستوى الإستخدام أو التوظيف لديها من خلال الإخضاع المكثف أو الإخضاع المعتدل للكتلة الأجرية في المؤسسة .
ب- على مستوى قطاعات النّشاط الإقتصادي :
بالإضافة إلى تأثير الإقتطاع الجبائي على مستوى الإستثمار في إطار السّياسة الظّرفية فإنه يوجهه أيضا و ذلك من خلال توجيه  قطاعات النّشاط كالزراعة، تربية الحيوانات، الصّناعة التحويلية، البناء ...الخ بمنح الإمتيازات الجبائية هذا من جهة و المساعدة على توطين بعض قطاعات النشاط في بعض المناطق من جهة أخرى و ذلك بنفس الطريقة بمنح الإمتيازات الجبائية للإستثمار في المناطق  التي يجب ترقيتها إقتصاديا ( تخفيض حقوق التسجيل, الإعفاء.من ر.ق.م...الخ)
و في هذا السّياق أي في سّياق أهداف السّياسة الجبائية من حيث الهياكل الإقتصادية نشير إلى ضرورة إتباع إستراتجية الإخضاع الجبائي، ترافقها آليات مراقبة فعّالة من قبل السّلطات العمومية لأن النّفقات الجبائية (الإمتيازات الجبائية ) تؤدي إلى حرمان موازنة الدّولة من مبالغ هامة.
المطلب الثالث : الأهداف في  بعدها الإجتماعي :
تنحدر فكرة البعد الإجتماعي لأهداف السّياسة الجبائية من أن سير آليات الإقتصاد في إطار نظام إقتصاد السّوق تؤدي إلى مظاهر اللاعدّل و اللامساواة على المستوى الإجتماعي التي يجب القضاء عليها أو تصحيحها عن طريق الإقتطاع الجبائي، و هوما  يصطلح عليه  بالتغيير الجبائي Le réformisme fiscal ( ) و تتمثل أساليب التدّخل الجبائي في الحياة الإجتماعية أساسا في تصاعدية و شخصنة الإقتطاع الجبائي( ) progressivité et personnalisation de l'impôt فالنسبة  أو المعدل التصاعدي يطبق في العديد من الحالات كالضريبة على الدّخل، حقوق التّركة والضريبة على الثّروة و لكن الإشكال الذي يطرح يتمثل في كيفية معرفة حدود التصاعدية، حيث يلاحظ عند تجاوز نسبة الإقتطاع  لحدّ معين يؤدي إلى آثار إقتصادية سيئة كما يؤدي إلى إنتشار مظاهر للغّش و التهرّب والتي قد تأخذ حجما معتبرا، أما اللّجوء إلى شخصنة الإقتطاع الجبائي فإنه يسمح بأخذ الأعباء العائلية للعنصر الجبائي (الضريبة على الدّخل الإجمالي) بعين الإعتبار لتحدّيد وعاء الإقتطاع كما تؤخذ درجة القرابة بعين الإعتبار لتحديد نسبة الإقتطاع (حقوق التركة).
إن الأهداف الإجتماعية للإقتطاع الجبائي تترجم عادة بالحفاظ على التوازن الإجتماعي وتطويرهياكل المجتمع و ذلك بإحداث العدالة الإجتماعية على مستوى الأفراد و على مستوى القطاعات الإقتصادية لأن تطور هياكل المجتمع يتوقف على تطور الهياكل الإقتصادية أيضا .
و تجدر الإشارة إلا أن البعد الإجتماعي للإقتطاع الجبائي له محدداته لذلك  يجب إستعماله بحذر لأن الجباية المثقلة يمكن أن تؤدي إلى حصول السلطات العمومية على أهداف غير تلك المنتظرة كتقلص النّشاطات، تسرّب رؤوس الأموال، الإفلاس... الخ، فكثرة الضرائب تطرد الضريبة.
و يمكن تناول موضوع التغيير الجبائي من حيث ثلاثة عناصر، إعادة توزيع الدّخل الوطني، التوازن الجهوي، الحفاظ على قيّم و ممتلكات المجتمع.
1- إعادة توزيع الدّخل الوطني :
ينتج عن التوزيع الأولي للدّخل الوطني أن ميكنزمات و آليات التوزيع للموارد تؤدي إلى ظواهر ريعّية غير مؤسسة أو ظواهر إستغلال يجب تصحيحها، و هذا التصحيح يكون إما بتزايد النفقات العمومية على شكل إعانات إجتماعية او إستثمارات جماعية لحساب الطبقات الأكثر حرمانا أو على شكل إجراءات جبائية موجهة نحو إعفاء المداخيل الضعيفة ، و في الواقع العملي  فإنه يتم التوفيق بين هذين النوعين من التدّخل لأن التزايد في النفقات العمومية يموّل في أغلب الأحيان بإرتفاع  جباية المداخيل المرتفعة حيث يكون دور الدّولة دورا معدّلا أو منظّماRôle régulateur لتوزيع المداخيل في المجتمع.
2- التوازن الجهوي :
بغرض تسهيل الفهم ندرج مفهوم ً الّلا توازن ً والذي يجسد الفرق الموجود بين الوقائع وبعض القيّم فمثلا نقول أن توزيعا معينا للمداخيل غير متوازن ، إذا كان غير مطابق لتوزيع معيّن للمداخيل يوصف بالأمثل.
و عليه فإنّ التوازن الجهوي يفترض الحفاظ على نفس مستوى النمّو بالنسبة لكلّ المناطق و من كلّ  الجوانب  (هياكل قاعدية، خدمات ... الخ )، إضافة إلى منح هذه  المناطق  نصيبا  معقولا من الدّخل الوطني في توزيع الميزانية الإستثمارية الوطنية. هذا الإفتراض  يستلزم  بدوره  لامركزية السّلطة المالية، أو لا مركزية القرار المالي و لو نسبيا، و من هذا المنطلق تظهر فكرة الجباية المحلّية و التي تعتبر شبه مهملة في الجزائر و من محدّدات الإستقلالية المالية للوحدات الإقليمية ,  فالإستقلالبة الجبائية المحلّية هي نسبية بطبيعتها  أي أن الدّولة  تسمح للجماعات  المحلّية بتسيير بعض الإقتطاعات الجبائية التي ترتبط بالخصائص الإقتصادية، و الإجتماعية لكل منطقة كالمساحة، توزيع السّكان، الظّروف المناخية، العوامل التاريخية و الجغرافية، الإنتشار الصناعي، هيكل الإنتاج .....الخ .
لهذا يجب أن تشكل الجباية المحلّية محورا هاما ضمن السّياسة الجبائية العامة، بحيث تكون تعبئتها حسب متطلبات التنمية المحلّية لضمان تحقيق بعض المشاريع ذات النّفع العام و بذلك المساهمة في جهود النمّو الوطنية، و ذلك من خلال التحكّم في تقنيات و مبادئ الإقتطاع الجبائي المحلّي، وهو الموضوع الذي سوف نتعرض بتحليله لاحقا.
3- المحافظة على القيّم البيئية :
يتطلب النمو المستديم الحفاظ على القيّم البيئية للمجتمع بإعتبارها تمثل إطار الحياة و البقاء، فقد يحدث أن يؤدي النّشاط الإقتصادي الحاد إلى إستنفاذ بعض الموارد الطبيعية أو يؤدي إلى تلوث البعض الآخر كالمياه، الأراضي، و الهواء، في هذا المحتوى يجب حماية البيئة من جهة و التسّيير الطويل المدى للموارد الطبيعية من جهة أخرى، و هو ما يعتبر من أولويات السلطات العمومية في البلاد، فعملية حماية البيئة في إطار السّياسة الجبائية تكون من خلال الإخضاع الإضافي للأنشطة الملوثة التي تتعامل مباشرة مع البيئة ( كتصريف المواد الكيماوية السائلة الناتجة عن معالجة مواد إستهلاكية في البحر أو في الوديان)،  نظرا لأن عملية التطهير تكلّف نفقات باهضة وهذا باعتراف الأخصائيين فمثلا إنشاء محطة لمعالجة وتطهير المياه يكلف ثلاث مرات أكثر من إنشاء مصنع لإنتاج الورق، و بذلك فإن هذه الإقتطاعات الإضافية تساهم في تمويل مشاريع حماية البيئية من جهة، و بما أنها ترتبط بالنّشاط الملوث () فإنها تجبر ضمنيا أصحاب هذه الأنشطة بإيجاد أفضل السّبل للتخلّص من هذه النّفايات من جهة أخرى كعملية الرسكلة أو التخلّص فمثلا الشركة الوطنية سوناطراك تنوي إنجاز سبع وحدات لإسترجاع الغازات المحروقة و التخّلص منها نهائيا إبتداءا من  سنة 2010 بغلاف مالي يقدر ب 1220 مليون دولار.
أما عملية التسيير الطويل المدى للموارد الطبيعية فإنها تستلزم الإستعمال الأمثل لهذه الموارد دون تبذير، فمثلا إستهلاك المياه يجب أن يخضع إلى نسب إقتطاع غير مباشرة متصاعدة حسب حجم الإستهلاك مع وجود حدّ أدنى للإستهلاك لا يمكن إخضاعه و نفس الأمر ينطبق على الموارد الطاقوية. و أخيرا فإن كلّ نشاط يمس بالقيّم البيئية يمكن إخضاعه جبائيا ( مما يسمح بميلاد فرع جديد ضمن علم الجباية يسمى بالجباية الإيكولوجية لأن النّظام الجبائي الجزائري لا يتضمن إلى غاية سنة 2002. على إجراءات بيئية خاصة، بإستثناء رسم بسيط ثابت على النشاطات  الملّوثة دون الأخذ بمبدأ " تلّوث تدفع"، وكذا النصوص القانونية المتعلقة بالتطهير (المياه القذرة و النفايات المنزلية)، فالإحصائيات تشير إلى وجود 5,2 مليون طن سنويا من النفايات الحضرية، 200 ألف طن نفايات صناعية و 125 ألف طن من  نفايات المستشفيات ( )، و كلّ هذه النفايات تتطلب إيجاد وسائل  و هياكل مسيّرة للتخلص منها أو لإسترجاعها.
خلاصة وإستنتاجات الفصل الأول
إنٌ عملية تحديد ماهية السياسة الجبائية تكون من خلال ثلاثة عناصر مجتمعة، فالعنصر الأول يتمثل في التصور الإقتصادي و الإجتماعي و السياسي لدور الدولة كقاعدة مرجعية لبناء مختلف السياسات الوطنية.
أمٌا العنصر الثاني فيتمثل في التعريف بمفهوم الإقتطاع الجبائي وتحديد إطاره و أبعاده ضمن هذا التصور و بذلك كان الفصل بين نوعين من الإقتطاعات مباشرة وغير مباشرة حسب المعايير النظرية الموجودة ولكل منهما مكانته وتأثيراته ضمن النظام الجبائي بحيث لا يمكن الإستغناء عن أحدهما أو تفضيل أحدهما عن الأخر. فالتوجهات الحديثة للأنظمة الجبائية تقتضي إعداد نوع من التكافؤ أو التوازن بين الإقتطاعات المباشرة و الإقتطاعات غير المباشرة.
وأخيرا يتمثل العنصر الثالث في تحديد كيفيات الإقتطاع الجبائي أو أدوات الإقتطاع الجبائي والتي تعتبر أدوات للسياسة الجبائية أيضا، وهي وعاء الإقتطاع ونسبة الإقتطاع بحيث لكل منهما إستعمالاته المتفاوتة حسب ما إذا تعلق الأمر بإقتطاع مباشر أو إقتطاع غير مباشر.
هذه العناصر تحدد ماهية السياسة الجبائية المتبعة و تحدد كذلك طبيعتها جزئيا لأن هناك إختيار الأهداف أي أهداف السياسة الجبائية.
فمن العرض السّابق يتبين أن الأهداف المالية للسّياسة الجبائية تحبّذ إرتفاع العبء الجبائي، و الأهداف الإقتصادية تتأرجح بين إنخفاض و إرتفاع العبء الجبائي، و هذا حسب ما إذا تعلق الأمر بسياسة التوسع أو سياسة الإستقرار ضمن تسيير الظّرف الإقتصادي أمّا الأهداف الإجتماعية فإنها ترتبط بمدى تحقيق الأهداف المالية و الإقتصادية .
كما أن المردودية المالية للإقتطاع الجبائي تتوقف على حسن التسيير الجبائي للتوازن المالي و الفعالية الإقتصادية تتوقف على حسن التسيير الجبائي للتوازن الإقتصادي أمّا العدالة الإجتماعية فتتوقف على حسن التسيّير الجبائي للتوازن الإجتماعي،  فهذه التوازنات تبدو متناقضة و تحدد البنية القاعدية للسّياسة الجبائية التي تحدد بدورها البنية السّطحية ( أهداف الطبقة السّياسية ) اللازمة لدخول السّوق السّياسي Le marché politique.
غير أن تناقض أهداف السّياسة الجبائية يعتبر نسبيا لأنه يمكن التوفيق بينها بإتخاذ إتجاه العبء الجبائي نحو الإرتفاع أو الإنخفاض كمعيار فمثلا يمكن التوفيق بين تحقيق الأهداف المالية مع تحقيق الأهداف الإقتصادية ضمن سياسة الإستقرار مع تحقيق بعض الأهداف الإجتماعية في حالة إرتفاع العبء الجبائي.
وعليه يمكن القول أن السّياسة الجبائية هي سياسة ظرفية يجب أن تكون إجراءاتها متخذة بالتنسيق بين مختلف أشكال السّياسة الإقتصادية و الإجتماعية في الدّولة إضافة إلى أن تحقيق الأهداف المالية يتوقف إلى حدّ بعيد على مدى بلوغ الأهداف الإقتصادية ضمن سياسة التوسع و مدى تطور الهياكل الإجتماعية إثر ذلك و في هذا الصدّد يقول تينبرقان J. TINBERGEN " أنه يجب على السّياسة الإقتصادية أن تستعمل أدوات مستقلة تطابق حجم الأهداف المستقلة التي تتبعها" ( ) كذلك إن بلوغ أهداف السّياسة الجبائية يجب أن تأخذ بعين الإعتبار مجموعة من الإعتبارات التي تشكل عناصرها و هو موضوع الفصل القادم.